القيام وسمر أحد من كان له فيها دخول على جمل وطاف به البلدان ، فسميت تلك الوقعة وقعة الجمل لتسمير ذلك الشخص على جمل ، وبقي ذلك على ألسن الناس ، وكان ابن الكويس المشار إليه ممن له دخول على ذلك ، فتخلص بعد شدائد وغرامات ، وولي هذه الجهة وكتب على يده بدر الدين جعفر بن محمد الآمدي ناظر النظار بالشام ، كتابا إلى الأمير جمال الدين المذكور يوصيه به ، ولم يكن الأمير جمال الدين يختار مرافقته ، وكان يكتب له إذ ذاك صاحبنا الموفق عبد الله بن عمر الأنصاري الآتي ذكره في هذا الكتاب ـ إن شاء الله تعالى ـ فقال له : تكتب جواب الصاحب بدر الدين المذكور متسع ، وهو مشهور بذلك ، فكتب الجواب وصدره بيتين وهما :
شكاية يا وزير العصر أرفعها |
|
ما كان يرضى بها من ولاك علي |
لم يبق في الأرض مختار يرافقه |
|
إلا فتى قد بقي من وقعة الجمل |
السنة السابعة والسبعون وستمائة
استهلت يوم الأربعاء وافق ذلك الخامس والعشرين من حزيران من شهور الروم ، والخليفة الإمام الحاكم بأمر الله أبو العباس أحمد ، وهو بقلعة الجبل من الديار المصرية ، وملك الديار المصرية والشام الملك السعيد ناصر الدين أبو المعالي محمد بركة قان ابن الملك الظاهر بيبرس وهو بالديار المصرية.
ففي يوم الخميس بكرة النهار ثالث وعشرون المحرم دخل قاضي القضاة شمس الدين أحمد بن خلكان ـ رحمهالله تعالى ـ مدينة دمشق ، وخرج نائب السلطنة الأمير عز الدين أيدمر بجميع الموكب والأمراء لتلقيه إلى آخر الجسورة ، وخرج أهل البلد إلى مسجد القدم ، وأما رؤساء البلد وعدوله فتلقوه عدة مراحل بحيث أن وصل منهم جماعة رفح ، ولم يزالوا متواصلين إليه في كل مرحلة ، وسر الناس بولايته