وشجعانهم وذوي المكانة منهم ، له الحرمة العظيمة في الدولة والتحكم في أول الأيام الظاهرية إلى حين قبض عليه واعتقله بقلعة الجبل ، فبقي مدة سنين. فلما كان في جمادى الأولى من هذه السنة شاع بالقاهرة وفاته ، وعمل عزاؤه بداره بالقاهرة ، وقد نيف على خمسين سنة ـ رحمهالله تعالى ...
علي بن درباس بن يوسف أبو الحسن الأمير جمال الدين الحميري ، كان عالي الهمة ، كثير الكرم والمروءة ، واسع الصدر ، وافر الصدقة والبر ، ومكارمه على الإخوان والأصحاب ، نفسه نفس الملوك ، وله خبرة تامة بالولايات والتصرف ، ومهابة شديدة وسطوة ظاهرة. ولي عدة ولايات جليلة ، منها : المرج ، والغوطة ، وما معها والبقاع العزيزي ، وبلد مشغرا ، وجبل صيدا ، وبيروت ، ووادي التيم ، وتولى غير ذلك : ولم تزل حرمته وافرة عالية إلى أن توفى الملك الظاهر ـ رحمهالله ، فقصده الأمير عز الدين أيدمر الظاهري نائب السلطنة بالشام لأمر كان في نفسه منه ، فأحضره إلى دمشق واعتقله وغرمه جملة طائلة ، وبقي في منزله بجبل الصالحية بطالا من الولاية ، وخبزه إلى أن أدركته منيته في سلخ شهر رجب أو مستهل شعبان ، وكان صرفه من الولاية لطفا من الله تعالى ، فإنه لما صرف أقلع عن المظالم وتنصل منها ، وتاب إلى الله تعالى من العود إليها ، وكان يقوم الثلث الأخير من الليل دائما ، يصلي ويدعو ويبكي ويتضرع ، وكانت طويته حسنة جميلة ، وعنده فضيلة ، وعلى ذهنه جملة من الأشعار والوقائع والتاريخ ، ومولده سنة أربع وست مائة ، وكان عنده حسن عشرة ومباسطة ومداعبة ، رحمهالله.
ولما كان متولي البقاع العزيزي وما هو مضاف إليه ، ولي نظر تلك الصفقة أو مشارفتها محيي الدين بن الكويس ، وكان قبل ذلك قد جنى لديوان العسكر جناية كبيرة ، اتصل خبرها بالأمير جمال الدين أقوش النجيبي ـ رحمهالله تعالى ـ نائب السلطنة بالشام ، فقام فيها حد