وما أسلمها إلا بأولادي الذين في مصر أسراء ، وأنت كنت السبب في أسرهم وأسر غيرهم ، فعاد البرواناه ، وأخبر أبغا بذلك : فضاعف الموكلين عليه ، فلما رأى من كان معه من المماليك والأتباع ذلك تحققوا أنه مقتول ، فتفرقوا عنه.
ثم سار أبغا إلى أردوئه ، فاجتمع الخواتين وبكوا وصرخوا وشققوا الجيوب بين يديه ، وقالوا : هذا الذي أعان على قتل رجالنا ، ولا بد من قتله ، فوقفهم أياما وهم يحرضونه ، فلما أعياه دفاعهم أمر بعض خواصه بقتله ، وقال له : خذه إلى مكان كذا فاقتله به ، فلما اجتمع به قال له : إن أبغا يريد الاجتماع بك لكي يصطنعك ويعيدك إلى البلاد ، فقال : لو يريدني لخبر بعض معارفي ، ولكنه يريد قتلي مخادعة في القول حتى انصرف معه في جماعة من أصحابه عينوا للقتل ، وهم ثلاثون نفرا ، فلما بلغ به الجهة التي عين له قتله فيها قتله ومن استصحبه معه منهم : الأمير سيف الدين بلاكوش الجاويش ، ومنكورس الجاشنكير ، وسيف الدين ابن اكمشي ، وجرى لسيف الدين المذكور أعجوبة وهي : أنه لم يحك فيه السيف ضاربه وتوهم أنه قتله ، فلما انفصل عنه واتصل بأبغا قتلهم وجد سيف الدين في نفسه قوة ، فنهض قائما عريانا ، وقصد سوق العسكر وهو مجروح ، وسأل منهم ثوبا يستتر به ، فأخذه السوقى لما عرفوه وحملوه إلى أردو إلى قدام أبغا ، فسأله أبغا عن قاتله هل يعرفه ، فقال : نعم ، فأمر بإحضار جميع من باشر قتل البرواناة وأصحابه ، فحضروا ، فلما رأى سيف الدين المباشر لقتله عرفه ، فأشار إليه فسأله أبغا ، فأقر ، فأمر أبغا لسيف الدين فقتله وكان من أمراء المغل ، فقام إليه وقتله. ثم أمره بجميع موجوده وما ملكته يده يتسلمه ، وكتب له كتابا بإقطاعه الذي كان له في بلاد الروم وأضعفه ، وقتل البرواناة ، وهو في عشر الستين ـ رحمهالله.
سنقر بن عبد الله الأمير عز الدين الرومي ، كان من أعيان الأمراء