الترك ، فشرهت نفسه إلى المال فدخل به قراقرم واستوطنها ، فبحث الملك الظاهر حتى وقع على خبره ، فبعث إلى بيت منكوتمر في أمره فأحضروه إليه تحت الحوطة.
ومنها : أنه كان بجزيرة صقلية في زمان الأنبرتور مقدار خمسة عشر ألف فارس مسلمين ، وهم مهادنين لهم ، وهم في خدمته ، لهم الإقطاعات. فلما مات أشار من بها من الفرنج على من ملكها بعده بقتلهم ، فقتل منهم مفرقا نحو ثلاثة آلاف فارس ، واتصل بالملك الظاهر قتلهم والعزم على قتل الباقين ، فكتب إليهم : إن هؤلاء المسلمين أقرهم الملك الذي كان قبلكم على بلادهم وأموالهم ، فإما أن تقروهم على ما أقرهم من الهدنة ، وأما أن تؤمنوهم وتوصلوهم بأموالهم إلى بلاد المسلمين ليبلغوا مأمنهم ، فإن لم يقدروا على التوجه واختاروا الإقامة وجرى على أحد منهم أذى ، قتلت على كل من تحت يدي من أسرى الفرنج ، ومن في بلادي من تجارهم ، وقتلت ما اشتملت عليه مملكتي من طوائف النصارى ، فلما تحققوا ذلك اجتمع رأيهم على إبقائهم على عادتهم ، وكان أخذ نفسه بالاطلاع على أحوال أمرائه وأعيان دولته حتى لم يخف عليه من حالهم شيء ، وكثيرا ما كانت ترد عليه الأخبار وهو بالقاهرة بحركة العدو ، فيأمر العسكر وهم زهاء ثلاثين ألف فارس فلا يثبت منهم فارس في بيته ، وإذا خرج لا يمكن من العود.
ومنها : ما أحدثه من البريد في سائر مملكته بحيث تتصل به أخبار أطراف بلاده على اتساعها في أقرب وقت ، والذي فتحه من الحصون عنوة من أيدي الفرنج ، خذلهم الله : قيسارية ، أرسوف ، صفد ، طبرية ، يافا ، الشقيف ، أنطاكية ، بغراس ، القصير ، حصن الأكراد ، حصن عكار ، القرين ، صافيثا ، مرقية ، حلبا ، وناصفهم على المرقب ، وبانياس ، وبلاد انطرسوس ، وعلى سائر ما بقي بأيديهم من البلاد والحصون ، وولى في نصيبه الولاة والعمال ، واستعاد من صاحب سيس درب ساك ، ودير