فقتلوه على الصورة المشهورة ، ثم ساروا إلى الدهليز ، فتقدم الأمير فارس الدين الأتابك ، فبايع الملك الظاهر ، وحلف له ، ثم الرشيدي ثم الأمراء على طبقاتهم ، وركب ومعه الأتابك ، وبيسري ، وقلاوون ، والخزندار ، وجماعة من خواصه فدخل قلعة الجبل.
وفي يوم الأحد سابع عشر ذي القعدة جلس في إيوان القلعة وكتب إلى جميع الولاة بالديار المصرية يعرفهم بذلك ، وكتب إلى الملك الأشرف صاحب حمص ، وإلى الملك المنصور صاحب حماة ، وإلى الأمير مظفر الدين صاحب صهيون ، وإلى الاسماعيلية ، وإلى علاء الدين ، وصاحب الموصل ، ونائب السلطنة بحلب ، وإلى من في بلاد الشام من الأعيان يعرفهم بما جرى.
ثم أفرج عمن في الحبوس من أصحاب الجرائم ، وأقر الصاحب زين الدين يعقوب بن الزبير على الوزارة ، وتقدم بالإفراج عن الأجناد وزيادة من رأى استحقاقه من الأمراء ، وخلع عليهم ، وسير الأمير جمال الدين أقوش المحمدي بتواقيع الأمير علم الدين الحلبي ، فوجدوه قد تسلطن بدمشق ، فشرع الملك الظاهر في استفساد من عنده ، فخرجوا عليه ونزعوه عن السلطنة ، وتوجه إلى بعلبك فسيروا من حضره وتوجه به إلى الديار المصرية ، وصفا الشام للملك الظاهر بأسره في سنة تسع وخمسين وقد ذكرنا في سياق السنين مما تقدم جملا من أخباره وأحواله وفتوحاته وغير ذلك فأغنى عن إعادته.
ولما كان يوم الخميس رابع عشر المحرم من هذه السنة جلس الملك الظاهر بالجوسق الأبلق بميدان دمشق يشرب القمز وبات على هذه الحال ، فلما كان يوم الجمعة خامس عشرة وجد في نفسه فتورا وتوعكا ، فشكا ذلك إلى الأمير شمس الدين سنقر الألفي السلحدار ، فأشار عليه بالقىء فاستدعاه فاستعصى ، فلما كان بعد صلاة الجمعة ركب من الجوسق ، فلما أصبح اشتكى حرارة في باطنه ، فصنع له بعض خواصه