المقام غدر بهم ، وشن الغارة عليهم ، وقتل وسبى ، وكنت أنا والملك الظاهر فيمن أسر ، وعمره إذ ذاك أربع عشرة سنة تقديرا فبيع في حلب بخان ابن فليح ، ثم افترقنا فاتفق أن حمل إلى القاهرة فبيع إلى الأمير علاء الدين أيدكين البندقدار ، وبقي في يده إلى أن انتقل عنه بالقبض عليه في جملة ما استرجعه الملك الصالح نجم الدين أيوب منه ، وذلك في شوال سنة أربع وأربعين وست مائة ، فقدمه على طائفة من الجمدارية ، فلما مات الملك الصالح نجم الدين ، وملك بعده ولده الملك المعظم ، وقتل ، وأجمعوا على عز الدين التركماني وولوه الأتابكية ، ثم استقل وقتل فارس الدين أقطاي الجمدار ، فركب الملك الظاهر والبحرية وقصدوا قلعة الجبل ، فلما لم ينالوا مقصودهم خرجوا من القاهرة مجاهرين بالعداوة للتركماني ، مهاجرين إلى الملك الناصر صلاح الدين يوسف ، وهم : الملك الظاهر ركن الدين ، وسيف الدين بلبان الرشيدي ، وعز الدين أيدمر السيفي ، وشمس الدين سنقر الرومي ، وشمس الدين سنقر الأشقر ، وبدر الدين بيسري الشمسي ، وسيف الدين قلاوون الألفي ، وسيف الدين بلبان المستعرب وغيرهم ، فلما شارفوا دمشق سير إليهم الملك الناصر طيب قلوبهم فبعثوا فخر الدين إياز المقرىء يستحلفه لهم فحلف ودخلوا دمشق في العشر الآخر من شهر رمضان فأكرمهم الملك الناصر ، وأطلق للملك الظاهر ثلاثين ألف درهم ، وثلاث قطر بغال ، وثلاث قطر جمال ، وخيلا وملبوسا ، وفرق في بقية الجماعة الأموال والخلع على قدر مراتبهم ، وكتب إليه الملك المعز يحذره منهم ويغريه بهم ، فلم يصغ إليه ، وكان عين للملك الظاهر إقطاعا بحلب فالتمس منه الملك الظاهر أن يعوضه عن بعض ما كان له بحلب من الإقطاع بجينين وزرعين فأجابه إلى ذلك فتوجه إليهما ، ثم استشعر من الملك الناصر وتوجه بمن معه ومن تبعه من خشداشيته وأصحابه إلى الكرك ، فجهز صاحبها الملك المغيث عسكره مع الملك الظاهر نحو مصر ، وعدة من معه ست مائة فارس ، وخرج من عسكر