اليوم الذي يلي ذلك ، وهو يوم الخميس مد الخوان في الميدان المذكور في أربعة دهاليز ، وحضر السماط من علا ومن دنا ، ورسل التتر ، ورسل الفرنج ، وعليهم الخلع أيضا ، وجلس السلطان يومئذ في صدر الخيمة على تخت أبنوس وعاج مصفح بالذهب مسمر بالفضة غرم عليه ألف دينار ، ولما انقضى السماط قدم الأمراء الهدايا ، والتحف من الخيل والسلاح والمتاع ، وسائر الملابس ، وغير ذلك ، فلم يقبل السلطان لأحد منهم ماله قيمة سوى ثوب واحد جبرا له ، فلما كان وقت العصر ركب إلى القلعة وأخذ في تجهيز ما يليق بالزفاف ، والدخول ، ولم يمكن أحد من نساء الأمراء على الاطلاق من الدخول إلى البيوت ، ودخل الملك السعيد الحمام ثم دخل إلى بيته الذي هيىء لدخوله فيه بأهله ، وحملت الجارية إليه ، فدخل عليها ، ولما بلغ الملك المنصور صاحب حماة ذلك توجه إلى القاهرة مهنئا ، ومعه هدية سنية ، فوصل القاهرة في ثامن عشر جمادى الآخرة ، فركب الملك السعيد لتلقيه ، ونزل في الكبش وأقام مدة يسيرة بحيث ما استراح ثم عاد إلى بلده.
ذكر توجه الملك الظاهر إلى الروم
خرج من قلعة الجبل بالقاهرة يوم الخميس العشرين من شهر رمضان ، بعد أن رتب الأمير شمس الدين آقسنقر الفارقاني نائبا عنه في خدمة الملك السعيد ، وترك معه من العسكر بالديار المصرية لحفظ البلاد خمسة آلاف فارس ، ورحل من المنزلة يوم السبت ثاني وعشرين الشهر ، وسار إلى دمشق فدخلها يوم الأربعاء سابع عشر شوال ، وخرج منها متوجها إلى حلب يوم السبت العشرين منه ، ودخل حلب يوم الأربعاء مستهل ذي القعدة ، وخرج منها يوم الخميس إلى حيلان ، فترك بها بعض الثقل ، وتقدم إلى الأمير سيف الدين علي بن مجلي النائب بحلب أن يتوجه إلى الساجور ، ويقيم على الفرات بمن معه من عسكر حلب لحفظ معابر الفرات لئلا يعبر منها أحد من التتر قاصدا الشام ، ووصل