إلى نور الدين الأمير شرف الدين عيسى بن مهنا ، فبلغ نواب التتر بالعراق نزولهم على الفرات ، فجهزوا إليهم جماعة من عرب خفاجة لكبسهم ، فحشدوا وتوجهوا نحوهم ، فاتصل بالأمير نور الدين الخبر ، فركب إليهم والتقى بهم فكسرهم وأخذ منهم ألفا ومائتي جمل.
وركب الملك الظاهر من حيلان يوم الجمعة ثالث عشر إلى عين تاب ثم إلى دلوك ، ثم إلى مرج الديباج ، ثم إلى كينوك ثم إلى صو ، ومعناه النهر الأزرق ، ثم رحل عنه إلى أنحاء دربند ، فوصله يوم الثلاثاء من ذي القعدة قطعه في نصف النهار ، فلما خرجت عساكره وملكت المغاور قدم الأمير شمس الدين سنقر الأشقر على جماعة من العسكر ، وأمره بالمسير بين يديه ، فوقع على كتيبة من التتر عدتهم ثلاثة آلاف فارس ، مقدمهم كراي ، فهزمهم وأسر منهم طائفة ، وذلك يوم الخميس تاسع الشهر ، ثم وردت الأخبار على الملك الظاهر بأن عسكر المغل والروم مع تتاوون ، والبرواناة على نهر جيحان ، فلما صعد العسكر الجبال المشرفة على صحراء ألبلستين فشاهد التتر قد رتبوا عساكرهم أحد عشر طلبا ، في كل طلب ألف فارس ، وعزلوا عسكر الكرج طلبا واحدا ، فلما رأى الجمعان حملت ميسرة التتر حملة واحدة فصدفوا سنجقة الملك الظاهر ، ودخلت منهم طائفة بينهم وشقوها ، وساقت إلى الميمنة ، فلما رآهم الملك الظاهر ردفهم بنفسه ، ثم لاحت منه التفاتة ، فرأى الميسرة قد أنحت عليها ميمنة التتر ، فكادت أن تثقل ، فأمر جماعة من حماة أصحابه بإردافها ، ثم حمل ، فحملت العساكر برمتها حملة واحدة ، فترجل التتر عن خيولهم ، وقاتلوا أشد قتال ، فلم يغن عنهم شيئا ، وأنزل الله بأسه بهم ، فقتلوا وفر من نجا منهم ، فاعتصموا بالجبال ، فقصدوا وأحاطت بهم العساكر ، فترجلوا عن خيولهم ، وقاتلوا وقتلوا حينئذ ممن قاتلهم الأمير ضياء الدين بن الخطير ، واستشهد الأمير سيف الدين قيران العلائي ، والأمير عز الدين أخو المجدي ، وسيف الدين قلعق الجاشنكير ، وعز الدين أيبك