وتوفي رحمهالله ، ولم يخلف ما يقوم بنصف ما عليه من الديون رحمهالله تعالى ، وكان عنده فضيلة وأهلية ، ومعرفة بالأدب والنحو ، يحفظ القرآن العظيم ، ويتلوه في كثير أوقاته ، وعلى ذهنه من الأحاديث النبوية صلوات الله وسلامه على قائلها جملة وافرة ، ولعله يستحضر معظم موطأ مالك بن أنس رحمهالله ، وكان يميل إلى مذهبه ، وله عقيدة عظيمة في الفقراء والصالحين ، ومسارعة إلى قضاء حوائجهم رحمهالله ...
أيبك بن عبد الله أبو محمد الأمير عز الدين الاسكندري الصالحي ، كان من مماليك الملك الصالح نجم الدين وعتقائه ، وكان الملك الصالح يثق به ويعتمد عليه ، ولاه الشوبك : قلعتها وبلدها ، وجعل عنده جماعة كثيرة من خواص مماليكه منهم : الأمير عز الدين أيدمر الحلي ، والأمير علم الدين سنجر الحصني ، والأمير عز الدين أيبك الزراد وغيرهم ، وكان عنده كفاية وخبرة تامة ، وصرامة شديدة ، ومهابة عظيمة ، يقيم الحدود على ما يجب ، لا يحابى في ذلك ، ولما ملك الملك المعز عز الدين أيبك التركماني الديار المصرية ، كان الأمير عز الدين المذكور من خواصه ، ولم يزل على ذلك إلى أول الأيام الظاهرية ، فلما استولى الأمير علم الدين سنجر الحلبي الكبير ـ رحمهالله ـ على قطعة من الشام كما تقدم شرحه ، ثم تحلل أمره وخرج من دمشق ، وقصد قلعة بعلبك ، وحضر بحضرة بدر الدين محمد بن رحال وغيره ، وجرت المراسلات بينه وبين الأمير علاء الدين البندقدار ـ رحمهالله ـ في تسليم قلعة بعلبك والتوجه إلى باب الملك الظاهر بالديار المصرية ، أنه لا يسلم القلعة إلى بدر الدين ابن رحال ، وأنه لا يسلمها إلا إلى أحد نفرين من خشداشيته سماهما : أحدهما الأمير عز الدين صاحب هذه الترجمة ، فجهز إليه ، وتسلم القلعة منه ، وكان متوليا قلعة شميميس ، فطلب منها لهذا المهم ، واستناب بقلعة شميميس ، ولما طولع الملك الظاهر بذلك رسم باستمراره في قلعة بعلبك ، ومدينتها ، واستمر نائبه بشميميس ، وبقي