عشر يوما ، بالمدينة عشرة أيام ، فذهب أكثر زاد الناس ، وحصل لهم من أيلة إلى مصر مشقة عظيمة ، ومات منهم خلق كثير.
وفي ثالث شهر رمضان ، ظهر بالموصل بحارة تعرف بسويقة ابن خليفة ضريح شخص من ولد الحسين بن علي عليهماالسلام ، وسبب ظهوره أن شخصا يقال له محمدون بن الأقفاصي رأى في منامه شخصا من ولد الحسين بن علي عليهماالسلام وهو يقول : يا محمدون أنا متأذ من تنور الخبز ، ومجرى الحمام الصغير ، فلما أصبح قص المنام على بعض الأكابر ، واستشاره في نبشه فأشار عليه أن لا يفعل ، فأمسك الرجل.
فلما كان في الليلة الآتية رأى الرؤيا بعينها ، وهو يقول له : إحفر ضريحي ولا تهمله ، وانتبه لما أقول لك : إن تراب ضريحي يشفي من جميع الآلام والأسقام ، فلما أصبح الصباح حفر المكان ، وظهر الضريح ، فأقبل الناس ينكرون عليه ، وإذا برجل أعمى قد أخذ من تراب الضريح شيئا تركه على عينيه فأبصر فكبر الله وحمده ، ورأى الناس تأثير الضريح فتهافتوا عليه ، وحظي محمدون بسببه ، وتكاثر على الضريح أصحاب الآلام والعاهات ، وكل من جعل على ألمه شيئا من ترابه برىء لوقته.
وسمع بذلك شخص من التتر يعتريه الصرع ، فأتى وطلب معالجته ، فشرط عليه من بالمكان أن يترك شرب الخمر ، ولحم الخنزير ، وقتل المسلمين ، فالتزم ذلك ، وأخذ من تراب الضريح فبرىء لوقته ، فسر بذلك ، وخرج مسافرا فمر بتل زيار ، وبه دير النصارى ، فنزل عندهم وحكى لهم صورة حاله ، فقال له النصارى : أنت إنما برئت بما عولجت به وتداويت لا بهذا القبر ، فأثر هذا القول في نفسه ، فعاوده الصرع ، فجاء إلى الضريح ، وطلب من ترابه ، فقيل له : ألم تك قد أخذت منه وعوفيت؟ فقال : بلى ، ولكنني مررت بدير فيه نصارى فحكيت لهم فذكروا لي كيت وكيت ، فأثر ذلك عندي ، فعاودني ما كان بي ، فقيل له : تلك المرة بطل حكمها ، والآن فما ينفعك شيء من هذا الضريح إلا أن