وفي العشر الأول من ذي الحجة بلغ الملك الظاهر أن جماعة من الذين استخدمهم بحصن الكرك من الجرخية ، والجندارية والخراسانية والاسباسلارية وغيرهم سولت لهم أنفسهم ان يثبوا في الحصن ، ويقتلون من به من النواب ، ويسلمونه لأخ كان للملك القاهر ابن الملك المعظم من أمه لكونه ينتسب إلى الملك الناصر داود ، وكان يقيم معهم بالكرك لا يؤبه به ، فخرج الملك الظاهر من القاهرة يوم الخميس ثالث عشر ذي الحجة ودخل حصن الكرك بغتة يوم السبت ثاني وعشرين منه ، ثم استدعاهم وكانوا زهاء ستمائة نفر وهو على سطح وأمرهم بشنقهم فشفع فيهم من كان في خدمته من الأمراء ، فعفا عنهم وأخرجهم من الحصن خلا ستة نفر ، فإنه قطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ، ثم قال للجميع : ما لكم في بلادي مقام ، فسألوه أن يعادلهم ما كان ارتجع من أموالهم ، فأمر لهم بذلك ونفاهم إلى مصر ، واستدعى شمس الدين صواب السهيلي والي صناعة الانشاء بمصر ، وسلم إليه حصن الكرك ، وفوض إليه النظر في حواصله وذخائره ، واستدعى من مصر رجالا رتبهم في الحصن عوض الذين نفاهم منه ، ثم خرج متوجها إلى دمشق يوم الجمعة ثامن وعشرين ذي الحجة.
وفي هذه السنة كان بخلاط زلزلة عظيمة ، أخربت الدور والخانات ، والأسواق ، ومات الناس تحت الردم ، ولم ينج من أهلها إلا النفر القليل ، واتصلت بأرجيش فأخربتها ، وخسفت مواضع ووصلت إلى ديار بكر فشعثت ميافارقين وماردين.
وكسر الخليج يوم الخميس ثامن وعشرين صفر وانتهت الزيادة إلى ثلاثة أصابع من ثمانية عشر ذراعا.
وفي خامس عشر شوال جهز الملك الظاهر كسوة الكعبة صحبة الأمير عز الدين يوسف بن أبي زكرى ، وخرج معه جماعة من الحجاج ووصل مكة شرفها الله تعالى ، وكانت الوقفة يوم الاثنين ، وأقاموا ثمانية