وفي سادس وعشرين ربيع الآخر خرج الملك الظاهر لرمي البندق ، وترك في القلعة نائبا عنه الأمير بدر الدين أيدمر الوزيري ، فأقام خمسة أيام ثم عاد إلى القلعة ، وسبب عوده أن بعض العرب اطلع على أن جماعة من التتر يكاتبون ، ثم ردف ذلك أن كتب ورقة وألقيت في موضع جلوسه ، وعقيب ذلك أن والي غزة أمسك ثلاثة نفر ، ومعهم بدوي في خان حماق قد خرجوا من القاهرة لقصد التتر ، فأنكر الخاني كلامهم ، فعرف الوالي بهم فأخذهم ووجد معهم كتبا ، فسيرها إلى القاهرة ، ووقف الملك الظاهر على الكتب ، فوجدها من عند قجقار الحموي ، وموغان بن منكورس وسربغا ، وطنغريبرمش ، وأنوك ، وبرمش وبلبان محلي والعلائي المرتد وبلاغا ، وطعبني وأيبك ، وسنجر الحواشي التركي ، فقبض عليهم وقابلهم بما فعلوا ، فأقروا فكان آخر العهد بهم.
وفي يوم الاثنين حادي عشر جمادى الأولى توجه الملك الظاهر ، وولده الملك السعيد إلى جهة البحرية للصيد في الخراريق ، ودخل الاسكندرية فشكي إليه واليها شمس الدين بن باخل ، فضربه وأخذ خطه بخمسين ألف دينار ، وهدم له بستانا كبيرا وقف عليه بنفسه حتى هدمته العامة ، وأقره على الولاية فقط ، وفوض أمر الجيش والديوان إلى الطواشي بهاء الدين صندل ، فشيد دار الطراز ، وعاد نهار الخميس خامس جمادى الآخرة.
وفي رابع شعبان رحل الملك الظاهر بالعساكر نحو الشام ، فوصل دمشق يوم الخميس تاسع عشرين منه ، ثم خرج قاصدا بلد سيس وعبر إليها الدربند ، فملكها وملك إياس ، والمصيصة ، وأذنة ، وكان دخول العساكر إلى سيس يوم الاثنين حادي عشرين شهر رمضان ، وخروجهم منها في العشرين من شوال بعد أن قتلوا من الأرمن وأسروا خلقا كثيرا لا يحصى ، وغنموا من البقر والغنم ما بيع بالمجان ، وأقام الملك الظاهر