استغنيت عنهم ، وكتب إليهم ألا يسعوا في فداء أنفسهم ، ومن فدى نفسه شنقته ودام الحال على ذلك ، فمات من مات وهرب من هرب ، فكتب الملك الظاهر إلى الأمير عز الدين العلائي نائب السلطنة بقلعة صفد بأن يوسع الحيلة في خلاصهم ، فكتب إلى ابن جفرين من الفرنج بعكا ووعده بألف دينار إن سعى في خلاصهم ، فدس المذكور إليهم مبارد قطعوا بها شباكا في البرج الذي هم فيه ، ثم أخرجوا من الباب ليلا ، وعليهم زي الفرنج إلى مركب قد أعد لهم ، فركبوه إلى ساحل عين لهم ، فوجدوا خيل البريد معدة لهم ، فركبوا وغيروا زيهم وتلثموا ودخلوا صفد سرا لم يشعر بهم أحد ، وبعث بهم العلائي ملثمين بحيث لا يعرفون ، فوصلوا إلى القاهرة في ربيع الأول ، وهم الرئيس شهاب الدين أبو العباس المغربي ، وشهاب الدين محمد بن الموفق رئيس الاسكندرية وزين الدين أخوه ، والرئيس سيف الدين أبو بكر بن اسحاق ، وكان توفي من المأسورين بعكا ، وقبرس سيف الدين محمد بن المجاهد ، وسيف الدين بن أبي سلامة رئيسا الاسكندرية ، وشرف الدين علوي رئيس دمياط ، ومن رؤساء مصر نجم الدين نجم بن سيف الدولة الجبلي ، وسيف الدين أبو بكر بن المخلص إبراهيم بن إسحاق ، وجمال الدولة يوسف بن المخلص ، وسيف الدين محمد بن نور الدولة علي بن المخلص وغيرهم ، والباقون منهم من تحيل وهرب ومنهم من توفي ، ومنهم من بقي في الأسر بجزيرة قبرس ، ولما وصل الرؤساء الذين سلموا كان الملك الظاهر بالكرك ، فلما عاد أحضرهم ووبخهم على تفريطهم ، فقال له شهاب الدين رئيس الاسكندرية : قضاء الله لا يرد بحيلة ، فاستحسن منه ذلك وخلع عليهم.
وفي سابع عشر ربيع الآخر عاد ابن عراب ، وصارم الدين أزبك وجماعة من الأجناد والعرب والمماليك من برقة ، ومعهم منصور صاحب قلعة طلميثة ومفاتيحها معه.