وفي يوم الخميس العشرين من رمضان ، توجه الملك الظاهر إلى صفد فأقام بها يومين ، ثم شن الغارة على بلد صور ، وأخذ شيئا كثيرا ، وسبب ذلك أنه لما كان نازلا على خربة اللصوص ، رفعت إليه قصة من امرأة تذكر أن ولدها دخل صور فقبض عليه وقتل.
وفيها عيّد الملك الظاهر عيد الفطر بالجابية ، وصلى به الشريف شمش الدين سنان بن عبد الوهاب الحسين ، خطيب المدينة النبوية صلوات الله على ساكنها وسلامه ، وكان قد وصل رسولا من جماز في السنة الخالية ، فحبسه الملك الظاهر بقلعة دمشق ، ثم أطلقه في شهر رمضان هذه السنة لرؤيا رآها ، وكتب له تواقيع بإجرائه على عادته في خطابته وقضائه وإدراء مالمتولى المدينة بديار مصر والشام من الوقوف والرواتب ، ثم جهزه وجهز معه الطواشي جمال الدين محسن ، وبعث معه خمسمائة غرارة من الكرك يفرقها فيمن بالمدينة من الضعفاء والمجاورين ، ثم رحل إلى الفوار وأقام به إلى خامس عشري شوال ، ثم توجه إلى الكرك فوصله في أوائل ذي القعدة ، ثم توجه في سادسه إلى الحجاز وصحبته بدر الدين الخازندار ، وصدر الدين سليمان الحنفي ، وفخر الدين بن لقمان وتاج الدين بن الاثير ، ونحو ثلاثمائة مملوك وجماعة من أعيان الحلقة ، فوصل المدينة الشريفة في العشر الآخر من الشهر فأقام بها ثلاثة أيام ، وكان جماز قد طرد مالكا عن المدينة ، واستقل بإمارتها ، فلما قدم الملك الظاهر هرب من بين يديه ، فقال الملك الظاهر : لو كان جماز يستحق القتل ما قتلته لأنه في حرم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ثم تصدق في المدينة بصدقات كثيرة ، وخرج منها متوجها إلى مكة ، فوصلها ثامن ذي الحجة فخرج إليه أبو نمي وعمه ادريس صاحبا مكة ، وبذلا له الطاعة ، فخلع عليهما وسارا بين يديه إلى عرفات ، فوقف بها يوم الجمعة ، ثم سارا إلى منى ، ثم دخل مكة وطاف الإفاضة وصعد الكعبة وغسلها بماء الورد ، وطيبها بيده ثم أقام يوم الاثنين ثالث عشر ذي الحجة ، ثم توجه إلى