جماعة من من أصحاب سيس ، فأنزلهم بالقلعة ، وأحضرهم من الغد وأدوا الرسالة ومضمونها : إن الملك أبغا لما خرج من الشرق تملك جميع العالم ، ومن خالفه قتل فأنت لو صعدت إلى السماء أو هبطت إلى الأرض ما تخلص منا ، فالمصلحة أن تجعل بيننا صلحا ، وأنت مملوك أبعت في سيواس ، فكيف تشاقق ملوك الأرض ، فأجابهم من وقته بانه في طلب جميع ما استولوا عليه من : العراق ، والجزيرة ، والروم ، والشام ، وسفرهم.
ووصل إليه الأمير سيف الدين محمد ابن الأمير مظفر الدين عثمان ابن ناصر الدين منكورس صاحب صهيون ، باستدعاء ، وقدم مفاتيح صهيون فخلع عليه ، وأبقاه على ما في يده.
وفي آخر رجب خرج الملك الظاهر من دمشق فنزل خربة اللصوص ، فأقام بها أياما ، ثم ركب ليلة الاثنين ثامن عشر شعبان ، ولم يشعر به أحد ، وتوجه إلى القاهرة على البريد بعد أن عرف الفارقاني أنه يغيب أياما معلومة ، وقرر معه أن يحضر الأطباء كل يوم ، ويستوصف منهم ما يعالج به متوعك يشكو تغير مزاجه ليوهم أن الملك الظاهر هو المتوعك ، فكان يعمل ما يصفونه ، ويدخل به إلى الدهليز ليوهم العسكر صحة ذلك ، ووصل إلى قلعة الجبل ليلة الخميس حادي عشري شعبان وأقام بها أربعة أيام ، ثم توجه ليلة الاثنين خامس عشري الشهر على البريد ، فوصل إلى العسكر تاسع عشرينه ، وكان غرضه كشف حال ولده وغيره.
وفي يوم الاحد سادس عشر شهر رمضان ، تسلم نواب الملك الظاهر قلعة بلاطنس وقلعة بكسرائيل من عز الدين أحمد بن مظفر الدين عثمان ابن منكورس بن جيردكين صاحب صهيون ، وعوضه عنهما قرية تعرف بالجملة من أعمال شيزر كانت إقطاعا لمظفر الدين في الدولة الناصرية وبعث إليهما نوابا ، وأموالا وذخائر وسلاحا.