ذي القعدة من هذه السنة ، وهو في عشر الثمانين ، ودفن بالقرب من دير الياس عليهالسلام ظاهر بعلبك رحمهالله تعالى.
عبد العزيز منصور بن محمد بن محمد بن وداعة ، أبو محمد عز الدين المعروف بابن وداعة الحلبي ، وقيل إنه كان في بداية أمره خطيبا بجبلة من أعمال الساحل ، ثم اتصل بالملك الناصر صلاح الدين يوسف ، وصار من خواصه ، ولما ملك ولاه شد الدواوين بدمشق وأعمالها ، وكان يعتمد عليه ويثق به ، وكان عز الدين يظهر التنسك والدين ، ويقتصد في ملبسه ، وسائر أحواله ، وكانت حرمته في الدولة الناصرية وافرة ، ولما انقضت الدولة الناصرية ، وأفضت المملكة إلى الملك الظاهر ركن الدين ولاه وزارة الشام ، فلما ولي الأمير جمال الدين آقوش النجيبي رحمهالله نيابة السلطنة بالشام ، حصل بينهما وحشة باطنة ، وكان الأمير جمال الدين يكرهه لتشيعه ، فإن الأمير جمال الدين المذكور كان غاليا في السنة ، وكان عند عز الدين تشيع ، فكان الأمير جمال الدين يسمعه في كل وقت من الكلام ما يؤلمه ويهينه ، فكتب إلى الملك الظاهر يذكر أن الأموال تنكسر وتنساق إلى الباقي ، ويحتاج الشام إلى مشد تركي شديد المهابة مبسوط اليد ، وتكون أمور الأموال والولايات والعزل راجعة إليه لا يعارض في ذلك ، والدرك في سائر هذه الأمور عليه ، ليلتزم بتثمير الأموال واستخراجها ، وزيادة ارتفاعاتها ، وكان قصده بذلك رفع يد الأمير جمال الدين عن ذلك ، وتوهم أن المشد الذي يتولى يكون بحكمه يصرفه كيف شاء ويبلغ مقاصده ، وكان في الشد ... المسعودي وهو شيخ عاقل ساكن ليس فيه عسف ولا شر ، فرتب الملك الظاهر في الشد الأمير علاء الدين كشتغدي الشقيري ، وبسط يده حسبما اقترح عز الدين ، فلم يلبث أن وقع بينهما ، وكان الشقيري يهينه بأنواع الهوان فيشكو ما يلقى منه إلى الأمير جمال الدين النجيبي فلا يشكيه ، ويقول : أنت طلبت مشدا تركيا ، وقد جاءك الذي طلبت ، ثم إن الشقيري كاتب