حوادث سنة ثلاث وستين ، وأنه كان كاتبا ، ثم ترهب وانقطع في جبل حلوان بالديار المصرية ، فيقال إنه ظفر بمال مدفون في مغارة ، فواسى به الفقراء من كل ملة ، وقام عن المصادرين بجمل عظيمة ، ولم يزل على ذلك إلى هذه السنة ، فأحضره الملك الظاهر ، وطلب منه المال وأن يعرفه من أين حصل له ، فلم يعرفه وجعل يغالطه ويدافعه ، ولا يفصح له بشيء البتة ، وهو عنده داخل الدور فلما يئس منه وأعياه أمره حنق عليه ، فعذبه حتى مات في العذاب ، ولم يقر بشيء ، فأخرج من قلعة الجبل ورمي ظاهرها على باب القرافة ، وكانت وصلت فتاوى فقهاء الاسكندرية إلى الملك الظاهر بقتله ، وعللوا ذلك بخوف الفتنة على ضعفاء النفوس من المسلمين ، فقتله كما ذكرنا ، وقيل إن مبلغ ما وصل إلى بيت المال منه وما واسى به في مدة سنتين ستمائة ألف دينار محصيا بقلم الصيارف الذين كان يجعل عندهم المال ، ويكتب إليهم أوراقه ، وذلك خارج عما كان يعطيه سرا بيده ، ومع هذا كان لا يأكل من هذا المال شيئا ، ولا يلبس منه ، وكان النصارى يتصدقون عليه بما يمونه ويلبسه ، فإنظر إلى هذه النفس الأبية معما هي عليه من الضلال ، ولم يظهر بعد موته من تلك الأموال الدينار الواحد ، فما يعلم هل نفدت مع نفاد أجله وخفي أمر ما بقي منها ، ولم يطلع عليه أحد ، وقيل كان اسمه ميخائيل ، ولم يشتهر إلا بالحبيس الراهب والله أعلم.
عبد الخالق بن علي بن محمد بن الحسن ، أبو محمد تاج الدين ، كان كاتبا مجيدا عارفا بصناعة الحساب ، وولي عدة جهات ، ومناصب ببعلبك وأعمالها ، وكان من عدول بعلبك ، وأكابرها ، وكان ينبز بأحمر عينه لحمرة كانت في عينه ووالده القاضي مهذب الدين أبو الحسن علي ابن محمد الأسعري ولي الحكم ببعلبك مدة في الأيام الصلاحية ، وغيرها ، وكان مشكور السيرة مشهورا بوفور العلم والدين والسداد في الأحكام رحمهالله ، وكانت وفاة تاج الدين المذكور في يوم السبت تاسع