يقدرون على أخذ الحصن إن احتفظوا به وجدوا في تحصينه وينبهونهم على أماكن يخاف على الحصن منها إن أهملت ، فاستدعى ببعض من يكتب بالفرنجي وأمره أن يكتب كتابا يذكر فيه أمارات بينهم وبين أهل عكا استفادها من الكتاب ، ويحذر الكمندور المقيم بالشقيف من الوزير المقيم عنده ، ومن جماعة كانت أسماؤهم في الكتاب ، وكتابا آخر إلى الوزير يحذره من الكمندور ، ويأمره إن احتاج إلى مال يأخذه من فلان ، وسمى شخصا كان اسمه في الكتاب ، وتحيل في وصول الكتابين إليهم ، فلما وقفوا عليهما اختلفوا مع شدة الحصار بالزحف والمنجنيقات ، فألجأهم الخلف إلى أن ارسلوا إلى الملك الظاهر ، وقرروا تسليم الحصن ، وأن لا يقتل من فيه ، فتسلمه يوم الأحد تاسع عشرين شهر رجب ، وكان ملك الباشورة بالسيف في سادس وعشرين منه ، واصطنع الكمندور ، وكانت عدة من كان فيه أربعمائة وثمانين رجلا ، واثنين وعشرين أخا فأركبهم الجمال إلى صور ، وسير من معهم يحفظهم ممن يؤذيهم ، وأنشئت كتب البشائر إلى الأطراف ، فمنها كتاب إلى قاضي القضاة شمس الدين أحمد بن خلكان رحمهالله ، من إنشاء كمال الدين أحمد بن العجمي رحمهالله مضمونه : صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس السامي القضائي ، لا زالت البشائر تحل به ربعا ، وتصنع لديه في الابلاغ حسنا ، وتحسن صنعا ، وتسر بالافهام والالمام والاعلام له قلبا وبصرا وسمعا ، تعلمه بفتح أمست وجوه البشائر ببشره متهللة ، وأسماع المنابر لوعيه متبتلة وفروض الجهاد به مؤداة ولكنها مشفوعة بالسيوف المسنونة والغزوات المنتفلة وهو فتح الشقيف الذي جاء بتناوب الإتحاف إلى القلوب ، وتتناسب أنباؤه كالرمح أنبوب على أنبوب ، وتتعاقب مسراته إلى الإسلام كما تتعاقب الأنواء لنفع الثرى المكروب ، وأقبل بعد فتح يافا كما تقبل البكر التي لا بد لها بعد سهولة الهداء من الامتناع عند الافتراع ، وتهادى تهادي الغيث الذي لا بد له عند نزوله من الرعد المزعج والبرق اللماع ، وكان نزولنا عليها في تاسع عشر شهر رجب