مغلق ، وإن سهلها فلا عائق ، وذاك يافا كانت قد كثر عدوان من فيها ، وحصل من أضرارهم ما لا يقدر أحد على تدارك تحيفاتها ولا تلافيها ، وصارت لعكا يسر الله فتحها طليعة مكر ، ومادة كفر ، منها يمتارون من كل ممنوع ، وربما يأمنون من خوف ويشبعون من جوع ، ويتطلعون إلى دار الاسلام منها وراء زجاجة ويجعلونها بابا يتوصلون منه عند الاجاجة إلى ما في نفوسهم من حاجة ، فلما توجهنا هذه الوجهة المباركة ، وتعوضنا فيها عن إنجاد الملوك بالملائكة صرفنا إليها العنان يسيرا ، وعرجنا عليها تعرج مستروح ، ثم يستأنف مسيرا ، وطرقناها بكرة يوم الأربعاء العشرين من جمادى الآخرة ، فما مضى إلا بقدر ما جردت السيوف من الأغماد أخذت المعاول في العويل على أهل الالحاد ، ونطقت ألسن الأعلام بالنصر المبين ، وتلقى النصر رايتنا باليمين ، وطفنا بها طواف المناطق بالخصور ، والشفاه بالثغور ، وإذا بأهلها يطلبون الأمان على النفوس خاصة وأنهم يبذلون لنا كل ما لهم من مال وغلال وسلاح وغير ذلك ، فأجبناهم إلى ذلك وما فتحوا الأبواب إلا والرجال قد فتحت النقوب ، ولا جيبوا الأطواق إلا والسيوف قد فتقت الجيوب ، ولا خرجوا من قلتها إلا والأبطال عليها قد علت ، ولا طلعوا منها إلا والأولياء إليها [وصلت] وما حصلوا خارجها إلا والمقاتلة بها قد حصلت وتسملناها وقلعتها فتحا قريبا وتسنمناها مرتعا مريعا ، ومربعا خصيبا ، وسطرناها في الساعة التي قام لسان العلم قبل لسان القلم على منبرها خطيبا ، فيأخذ حظه من بشرى جاءت طليعة لما بعدها من البشائر ، وأقبلت مفهمة بأن لا بد بعدها من فتوحات تتبع الأوائل منها الأواخر والله تعالى يوفقه في الموارد والمصادر ، إن شاء الله تعالى.
فلما فرغ من هدم يافا ، رحل يوم الأربعاء ثاني عشر شهر رجب طالبا للشقيف ، فنزل عليه يوم الثلاثاء ثامن عشر الشهر ، وظفر بكتاب من الفرنج الذين بعكا يتضمن إعلام النواب بالبشقيف أن المسلمين لا