فقال الناس : يقصدون التجوه بالناس ليراعوا ، وإن كانت هذه الألف دينار لي ، فقد خرجت عنها لبيت المال فأخذت ، وسهل عليه ذهابها مع كثرة شحه ولا يبلغ الوزير مقصوده منه ، وحكي أن الوزير بهاء الدين ، كان يختار أن يحضر القاضي تاج الدين إلى داره ولو عائدا له ، فاتفق أن مزاجه تغير ، وانقطع عن القلعة أياما وتردد إليه الناس لعيادته ، ولم يفتقده القاضي تاج الدين ، فقال له أصحاب الوزير المختصون به ، لما يعلمون من إيثار الوزير لحضور القاضي لعيادته : يا مولانا الصاحب بهاء الدين في شدة عظيمة ، وهو منقطع ، فلو عاده مولانا ما كان من بأس ، فقال : إلى يوم الأربعاء ، وكان من عادته أن يتوجه إلى مصر في كل يوم أربعاء للحكم فيها بنفسه ، فلما كان يوم الأربعاء وأراد التوجه إلى مصر سلك الطريق الذي يمر فيها على دار الوزير ، فلما قرب من الباب أخبر الوزير بحضوره ، فقام من فراشه ونزل من الإيوان متلقيا له ، فلما دخل وجده في أرض الدار قائما ، قال : بلغنا أنك في شدة عظيمة ، وأنت تقوم ، سلام عليكم ، وعطف راجعا ، ولم يزد على ذلك ...
السنة السادسة والستون وستمائة
دخلت هذه السنة ، والخليفة والملوك على ما كانوا عليه في السنة الخالية ، والملك الظاهر بقلعة الجبل.
وفي ثالث صفر قدم الأمير عز الدين الحلي من الحج ، فخرج الملك الظاهر لتلقيه إلى البركة ، ثم توجه الحلي لزيارة القدس والخليل عليهالسلام ، وعاد في سادس عشر ربيع الآخر ، فأعيدت إليه نيابة السلطنة بالديار المصرية.
وفي عاشر صفر عقد مجلس بين يدي الملك الظاهر للضياء بن الفقاعي بحضور الصاحب بهاء الدين ، وجرى فيه ما اقتضى صرف الضياء والحوطة عليه ، وأخذ خطة بجملة من المال ، ولم يزل يضرب إلى