وعنده فضيلة وادب وتوفي في الرابع والعشرين من شوال بدمشق ودفن من الغد بسفح قاسيون رحمهالله.
الحسين بن عزيز بن أبي الفوارس أبو المعالي ، الأمير ناصر الدين القيمري ، كان من أعظم الأمراء وأجلهم قدرا ، وأكبرهم شأنا ، وله المكانة المكينة ، والوجاهة التامة ، والكلمة النافذة ، والإقطاعات الجليلة ، وكان شجاعا كريما عادلا حازما ، رئيسا كثير البر والصدقة ، وهو الذي سلم دمشق والشام إلى الملك الناصر صلاح الدين يوسف بعد قتل الملك المعظم توران شاه ، وكان هو وأقاربه معظم عسكر الشام في الأيام الناصرية ، وكان الملك الظاهر ركن الدين قد أقطعه إقطاعا جيدا ، وجعله مقدم العساكر بالساحل قبالة الفرنج ، فتوفي به مرابطا في الأحد ثالث عشر ربيع الأول ، وعمل عزاؤه بجامع دمشق يوم الجمعة ثامن عشر الشهر المذكور ، وهو الذي عمر المدرسة المعروفة بناحية مأذنة فيروز ، وهي من أجل مدارس دمشق وأحسنها ، وعمل على بابها ساعات لم يسبق إلى مثلها ، قيل إنه غرم عليها ما يزيد على أربعين ألف درهم ، وكان عالي الهمة يضاهي الملوك في موكبه وتجمله ، وكثرة غلمانه ، وحاشيته وخيوله ، وبيوتاته ، وما يجري هذا المجرى رحمهالله تعالى.
ووالده الامير شمس الدين عزيز كان جليل القدر ، وكان الأمير ناصر الدين كثير العقل والمداراة ، والاحتمال ، سمع مرة بعض الأمراء الأكراد يقع في البحرية ، وينتقصهم فسبه وانتهره ، فقال : ياخوند هم أعداؤنا ، فقال : بئس ما قلت ليس بيننا عداوة ، وكلمة الاسلام تجمعنا ونحن وهم شيء واحد ، وإنما القوم في خدمة ملك ، ونحن في خدمة ملك آخر ، وبين الملكين وحشة ، كما جرت العادة أن تكون بين بعض الملوك ، فلو زالت الوحشة من بين الملكين صرنا نحن وهم كالنفس الواحدة ، وهذا الكلام يدل على عقل كثير ، وسداد رأي وحسن تأني رحمهالله.