كل مقدم مائة فارس عشرين ذراعا بالعمل ، فقام السور في سبعة أيام ، ورحل ونزل حاجي وعان ، وبلغان فشتى تلك السنة هناك .....
بركة بن تولي بن جنكيز خان ، ملك التتار ، وهو ابن عم هولاكو المقدم ذكره ، وبلاده متسعة جدا ، وهي بعيدة عنا ، وله عساكر عظيمة وافرة العدد ، ومملكته تفوق مملكة هولاكو بكثرة البلاد ، والعساكر والأموال ، لكن جند هولاكو استغنوا بما نهبوه من الأقاليم التي استولوا عليها ، وكان بركة يميل إلى المسلمين كثيرا ، ويعظم أهل العلم ، ويعتقد في الصلحاء من المسلمين ، ويتبرك بمشايخهم ، ويرجع إلى أقوالهم ، وكلمتهم عنده مسموعة وحرمتهم في ممالكه وافرة ، وكان أعظم أسباب لوقوع الحرب بينه وبين هولاكو ، كون هولاكو قتل الخليفة المستعصم بالله ، وكان يميل إلى مودة الملك الظاهر ركن الدين ، ويعظم رسله ، وكان جماعة من أهل الحجاز يتوجهون إليه فيبرهم ، ويعطيهم المال الكثير ، ويبالغ في إحترامهم والإحسان إليهم ، وكان قد أسلم هو وكثير من جنده ، والمساجد الخيام المحمولة معه ، ولها الأئمة والمؤذنون ، ومتى نزل في مكان ضربها وأقيمت فيها الصلوات الخمس ، وكان شجاعا جوادا حازما عادلا ، حسن السيرة في رعاياه ، يكره الإكثار من سفك الدماء والإفراط في خراب البلاد ، وعنده رأفة وحلم وصفح ، وتوفي ببلاده في هذه السنة وهو في عشر الستين ، وقام مكانه منكوتمر بن طغان ابن صرطق بن باتوبن تولي بن جنكيز خان ، وعندما استقل بالملك جمع عساكره وقدم عليها مقدما سيره إلى بلاد أبغا بن هولاكو ...
الجنيد بن عيسى بن ابراهيم بن أبي بكر بن خلكان أبو القاسم ظهير الدين الزرزاري الإربلي الشافعي ، مولده سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة باربل في شهر صفر سمع من ابن طبرزد وحنبل وغيرهما وحدث وولي عدة جهات وكان مشكور السيرة فيما يتولاه عدلا أمينا ضابطا وعنده رياسة ومكارم أخلاق ولين الجانب وحسن عشرة ومحاضرة حسنة