خبيرا بالسياسة ، وله نظم جيد ، وتولى عدة ولايات ، وكان مشكور السيرة ، وتوفي بالقاهرة في سابع عشر شوال ، ودفن بالقرافة رحمهالله ...
هولاكو بن قاآن بن جنكيز خان ملك التتار، كان أعظم ملوك التتار ، حازما شجاعا مدبرا ، ذا همة عالية وسطو عظيمة ، ومهابة شديدة ، ونهضة تامة وكفاية بالغة ، واستقلال بتدبير الممالك والأقاليم ، وخبرة بالحروب وافتتاح المعاقل والحصون ، ومحبة في العلوم العقلية من غير أن يتعقل منها شيئا البتة ، واستدعى إليه من العلماء كالمؤيد العرضي ، والتقى علي الحديثي وابن طليب ، وغيرهم وجمع حكماء مملكته ، وأمرهم أن يرصدوا الكواكب ، ويحققوا أمرها ، ولم يكن في ملوك التتر من يضاهيه في ذلك ، ولا يدانيه وكان واسع الصدر يطلق الكثير من الأموال ، والبلاد مما يشح التتر بمثله ، فإن الغالب عليهم الشح ، وكان على قاعدة المغل في عدم تقيد بدين أو ميل إليه ، إنما كانت زوجته طقز خاتون قد تنصرت ، فكانت تعضد النصارى ، وتقيم شعارهم بتلك البلاد التي استولى عليها ، وكان سعيدا في حروبه وحصاراته ، لم يرم أمرا إلا ويسهل عليه ، ولم يتعذر وحصل في قلوب الناس كافة من الرعب منه ما أوجب انقيادهم إليه أو هربهم بين يديه ، فطوى البلاد ، واستولى على الممالك والأقاليم في أيسر مدة ، ففتح : بلاد خراسان ، وأذربيجان ، وفارس ، وعراق العجم ، وعراق العرب والشام والجزيرة والموصل ، وديار بكر ، والروم والشرق ، وغير ذلك من البلاد ، وهزم جيوشها وأباد ملوكها ، وكانت وفاته في هذه السنة بكوكر جلك ، وقيل إن وفاته كانت في سابع ربيع الآخر سنة ثلاث وستين وستمائة ، ببلاد مراغة ، ونقل إلى قلعة تلا ، فدفن بها وبني عليه قبة ، ووكل به ولد ايلكانوين وكان هلاكه بعلة الصرع ، فإنه كان حصل له منذ قتل الملك الكامل صاحب ميافارقين رحمهالله الصرع في كل وقت ، فكان يعتريه في اليوم الواحد المرة ، والمرتين ، والثلاث ، ولما عاد من كسرة بركة في المحرم أقام يجمع