وهو أبيض كتان يساوي درهمين ، فرمى سائر أصحابه مناديلهم ، وفيها ما هو بالذهب وغيره ، ولعل قيمتها فوق ألف وخمسمائة درهم ، فحسبت أن المغاني حصل له منه ومن غلمانه في تلك الليلة قريب ستة آلاف درهم ، ولما عزم العزيزية على قبض الملك المعز أطلعوا الأمير جمال الدين ، فلم يوافقهم ونهاهم عن ذلك وعرفهم ما يترتب عليه من المفاسد ، وأن ضرر هذا العزم يلحقهم دون الملك المعز ، ولم ير الأمير جمال الدين أن يشي بهم إلى الملك المعز ، وبلغ المعز ما عزموا عليه ، وعلم العزيزية أنه علم وهو وهم في الميدان للعب الكرة في العشر الأوسط من شهر رمضان سنة ثلاث وخمسين ، فهربوا على حمية والمشار إليه فيهم ، الأمير شمس الدين آقش البرلي ، وأما الأمير جمال الدين ، فخرج إليه فأمر بقبضه وسيره إلى قلعة الجبل فاعتقل بها مضيقا عليه ، فلما تحقق براءة ساحته وسع عليه وتركه في الاعتقال مكرما مرفها ، وكان ذنبه عنده كونه لم يطلعه على ما عزم عليه أصحابه وأذن لأهل الأمير جمال الدين أن يحملوا إليه الطعام والشراب والملابس وكل ما يحتاج إليه ، ثم أظهر موته وأخفى خبره بالكلية ، فلما وقع الصلح بين الملك الناصر صلاح الدين يوسف ، وبين الملك المعز بسفارة الشيخ نجم الدين الباذرائي وتوجه الشيخ نجم الدين المذكور إلى الديار المصرية ، طلب من الملك المعز الإفراج عن الأمير جمال الدين ، فقال له الملك المعز : ما بقي المولى يراه إلا في عرصات القيامة ، إشارة إلى أنه قد مات ، ولم يكن مات بل كان في قاعة بقلعة الجبل ، وعليه الملبوس الفاخر ، والملك المعز يدخل إليه في بعض الأوقات ويلعب معه بالشطرنج ، ولم يزل الأمير على ذلك حتى قتل الملك المعز ، وجرى ما أشرنا إليه عند قتله ، واستمر في الاعتقال إلى خرج الملك المظفر سيف الدين قطز رحمهالله لقتال التتار في سنة ثمان وخمسين ، فلما منّ الله سبحانه وتعالى وكسرهم كتب إلى النواب بالديار المصرية بالإفراج عنه ، وتجهيزه إليه فأفرج عنه ، وسير إليه فلقيه في الطريق ، وقد خرج من