ثم أمر بعمارتها وتحصينها ونقل الذخائر والأسلحة إليها ، وأقطع بلدها لمن رتبه لحفظها من الأجناد ، وجعل مقدمهم الأمير علاء الدين الكبكي ، وجعل في نيابة السلطنة بالقلعة عز الدين العلائي ، وولاية القلعة للأمير مجد الدين الطوري ، ثم رحل إلى دمشق في تاسع عشر شوال.
ولما كان الملك الظاهر منازلا صفد وصل إليه في خامس عشر شهر رمضان رسول صاحب صهيون بهدية جليلة ورسالة مضمونها الاعتذار من تأخره عن الحضور ، فقبل الهدية والعذر ، ووصلت رسل صاحب سيس أيضا بهدية ، فلم يقبلها ، ولا سمع رسالتهم ، ووصلت الهدية من متولي قوص يخبر أنه استولى على جزيرة سواكن ، وهرب صاحبها ، وبعث يطلب من السلطان الدخول في الطاعة وإبقاءها عليه فكتب له بذلك.
وفي يوم الخميس مستهل ذي القعدة حل الملك الظاهر بدمشق ، ثم تقدم إلى العساكر بالمسير إلى بلد سيس للغارة ، فخرجوا من دمشق يوم السبت ثالث الشهر ، وقدم عليهم الملك المنصور صاحب حماة ، وتدبير الأمور إلى الأمير شمس الدين آق سنقر الفارقاني ، فوصلوا الدربند الذي يدخل منه إليها ، وكان صاحبها قد بنى عليه أبرجه ، وجعل فيها المقاتلة ، فلما رأوا العساكر تركوها ، ومضوا فملكها المسلمون ، وهدموها ودخلوا إلى بلد سيس فأسروا ، وقتلوا وسبوا ، وكان فيمن أسر ابن صاحب سيس ، وابن أخته وجماعة من أكابرهم ، ودخلوا المدينة يوم السبت ثاني وعشرين من ذي القعدة ، فنهبوها وأخذوا منها ما لا يحصيه إلا الله تعالى ، ولما عادوا خرج الملك الظاهر من دمشق ، لتلقيهم في ثاني ذي الحجة وجاز بقارا في سادسه ، فأمر بنهبها ، وقتل من فيها ، وسبب ذلك أن بعض ركابية الديار المصرية خدم مع الطواشي مرشد ، وخرج معه عند عوده من مصر إلى حماة ، فحصل له مرض ، فانقطع بالعيون قريبا من قارا وأمسى عليه المساء فأتاه نفران من أهل قارا وحادثاه وحملاه إلى قارا ليمرضاه فبقي عندهما ثلاثة أيام فعوفي ، فأخذاه تحت الليل ووصلا به إلى حصن