مذهب قاضيا ، فمال الملك الظاهر إلى قوله ، وكان له منه محل عظيم ، فولى الشيخ شمس الدين محمد بن الشيخ العماد الحنبلي والشيخ صدر الدين سليمان الحنفي والقاضي شرف الدين عمر السبكي المالكي وفوض إلى كل منهم أن يستنيب في الأعمال ، وأبقى على تاج الدين النظر في مال الأيتام ، والأمور المختصة ببيت المال ، وكتب لهم تقاليد ، وخلع عليهم ، ثم فعل ذلك في الشام.
وفي هذه السنة أحضر بين يدي الملك الظاهر نعجة قد ولدت خروفا على صورة فيل له خرطوم طويل ، وأنياب.
وفيها قوي اهتمام الملك الظاهر بتمام عمارة الحرم الشريف النبوي ، وجهز الأخشاب والحديد والرصاص ، ومن الصناع ثلاثة وخمسين رجلا وما يمونهم ، وأنفق فيهم قبل سفرهم ، وبعث معهم جمال الدين محسن الصالحي ، وشهاب الدين غازي بن فضل اليغموري مشدا ، والرضى ناظرا ، ومجير الدين أحمد بن أبي الحسين بن تمام طبيبا ، ومعه أدوية وأشربة ، وكان سفرهم في سابع عشر شهر رجب ، فوصلوا المدينة في ثاني عشر شوال ، وأخذوا في العمارة ، وكلما عازهم شيء من الآلات والنفقات سير إليهم من الديار المصرية ، ودامت العمارة إلى سنة سبع وستين ...
موسى بن يغمور بن جلدك بن بليمان بن عبد الله ، أبو الفتح جمال الدين مولده في جمادى الآخرة سنة تسع وتسعين وخمسمائة بالقرية قرية بالقرب من سمنهود من أعمال قوص ، وهو ياروقي الأصل ، سمع من جماعة ، وحدث وتوفي في مستهل شعبان بالقصير من أعمال الفاقوسية بين الغرابي والصالحية ، وحمل إلى تربة والده بسفح المقطم فدفن بها في رابع الشهر المذكور ، وكان أميرا كبيرا عظيما رئيسا ، عالما فاضلا ، جليل المقدار خبيرا حازما ساوسا ، مدبرا ، جوادا ، ممدحا تنقلت به الأحوال ، وهذبته الأيام ، وأحكمته التجارب ، وناب بالديار المصرية في الأيام الصالحية النجمية مدة ، ثم نقله إلى الشام وجعله نائب السلطنة به فأقام