أتابكه ، وعزم على ذلك ، والأمير فخر الدين يومئذ بالمنصورة قبالة الفرنج وبلغ ذلك الأمير حسام الدين ابن أبي علي وهو إذ ذاك نائب السلطنة بالقاهرة فتقدم بأخذ الملك المغيث من عند عمات أبيه واعتقاله بقلعة الجبل ، والاحتراز عليه فبقي في القلعة معتقلا فلما وصل الملك المعظم إلى المنصورة أمر بنقل الملك المغيث من قلعة الجبل إلى قلعة الشوبك واعتقاله بها ، فنقل إليها ، وكان الملك الصالح نجم الدين لما تسلم الكرك من أولاد الملك الناصر داود رحمهالله سير إليها الطواشي بدر الدين بدر الصوابي نائبا بها ، وبالشوبك ، فلما وصل إليه الملك المغيث اعتقله بالشوبك كما رسم ، فلما قتل الملك المعظم وبلغ الصوابي أخرج الملك المغيث ، وملكه الكرك والشوبك ، وأعمالهما وتولى تدبير أموره وقد ذكرنا من تفاصيل أحواله نبذة فيما مضى ، وكان ملكا كريما ، حليما ، شجاعا ، عادلا ، محسنا إلى رعيته ، غير أنه لم يكن عنده حزم ، ولا حسن تدبير فإنه أنفق جميع ما كان عنده من المال على البحرية والشهرزورية في طمع تملك الديار المصرية ، ولم يحصل له ذلك وذهب ذلك المال العظيم في غير فائدة ، وكان جملا عظيمة ، فإن الملك الصالح نجم الدين لما تسلم الكرك حمل إليها مائة ألف دينار عينا غير الدراهم والأقمشة وغيرها ، وألجأت الضرورة للملك المغيث بذهاب ذلك إلى النزول من الكرك وخروجها من يده وذهاب روحه.
وكان الملك المغيث على مذهب أبيه في تقريب الأراذل والإصغاء إليهم ، وقد ذكرنا في السنة الماضية كيفية إمساكه ، وما نسب إليه ، والله أعلم بحقيقة ذلك ، وقيل إن جميع ما نسب إليه لم يكن له أصل بل مجرد شناعة ليقوم عذر الملك الظاهر عند الأمراء ، والناس فيما فعله ، فإن سائر الأمراء في ذلك الوقت إلا القليل منهم كانوا غلمان بيته.
وحكي لي أن الملك الظاهر قال للأمير عز الدين أيدمر الحلي نائب السلطنة بالديار المصرية في ذلك الوقت : دع من يقتل المغيث صاحب