حضوره إلى الملك الظاهر ، وقبضه عليه وأخذ الكرك منه ، وإنفاذه إلى الديار المصرية ، وكان والده الملك العادل سيف الدين أبو بكر محمد بن الملك الكامل ، قد ملك الديار المصرية بعد وفاة أبيه ، وصار الشام أيضا في حكمه ، وابنه الجواد نائبا عنه ، واتفق حضور الملك الصالح نجم الدين وأخذه دمشق من الجواد ، وأنه قصد التوجه إلى الديار المصرية ليملكها ، وجرى ما قدمنا ذكره من خروج دمشق عنه ، وامساكه واعتقاله بالكرك ، ثم خروجه وتملكه الديار المصرية ، وكل هذا مشهور وبقي الملك العادل معتقلا بقلعة الجبل ، فلما عزم الملك الصالح على السفر إلى الشام في أواخر سنة خمس وأربعين ، تقدم بتسييره إلى الشوبك ليعتقل بقلعتها فضربت له خيمة ظاهر القاهرة ليخرج إليها ، ثم يمضى به إلى الشوبك فامتنع من ذلك وقال : ما أروح أصلا ، ومهما أردتم فعله فافعلوه هنا ، فغضب الملك الصالح لما أخبر بذلك ، وحنق وأمر بخنقه ، فدخل عليه الطواشي محسن الصالحي ومعه نفر يسير من مماليك الملك الصالح ، وتقدم إليهم بخنقه فخنقوه بقلعة الجبل ، وجهز وأخرج إلى مقبرة شمس الدولة ابن صلاح الدين ، خارج باب النصر ، فدفن بها رحمهالله ، وذلك في شوال سنة خمس وأربعين فكانت مدة اعتقاله بعد القبض عليه قريبا من ثمان سنين ، وعمره نحو ثلاثين سنة لأنه ولد سنة خمس عشرة عقيب وفاة جده الملك العادل سيف الدين أبي بكر محمد بن أيوب ، وكان جوادا كثير البذل ، أنفق الخزائن التي جمعها والده في السنين المتطاولة في مدة يسيرة ، وكانت ايامه زاهية زاهرة ، والأسعار في غاية الرخص ، لكنه لم يكن فيه سياسة يضبط بها الجند ، ولا معرفة يدبر بها المملكة ، وقدم الأراذل ، وأخر الأكابر ، ولما مات كان الملك المغيث صاحب هذه الترجمة صغيرا ، فأنزل إلى القاهرة ، وجعل عند عمات أبيه القطبيات بنات الملك العادل الكبير ، وإنما عرفن بالقطبيات لأنهن أشقاء الملك المفضل قطب الدين بن الملك العادل ، فبقي عندهن إلى أن مات الملك الصالح ، فقيل إن الأمير فخر الدين يوسف بن شيخ الشيوخ أراد أن يسلطن الملك المغيث ، ويكون هو