كوكب الصبح ، ويبقى ضوء ذنبه ظاهرا ، ولم يتغير موضعه من منزلة الهنعة بعده منها إلى جهة المشرق نحو رمح طويل ، ويبقى ظاهرا ثم صار يرتفع بارتفاعها ويسير بسيرها ثم يقرب من منزلة الهنعة ثم بقي إلى أوائل ذي القعدة إلى أن يغلب عليه ضوء الصباح ، فيغيب وكان يظهر له قبل بروزه شعاع كبير في جو السماء ، وظهر أيضا من قبل المغرب بالشمال بعد العشاء الآخرة ليالي عدة في أواخر شهر رمضان ، وأوائل شوال خطوط مضيئة كهيئة الأصابع مرتفعة في جو السماء ، واحمرت الشمس في أواخر الرابع من شوال قبيل المغرب ، وذهب ضوء الشمس بحيث توهم كثير من الناس أنها كسفت وغربت هي كذلك ، ولما كان عند العشاء الآخرة أصاب القمر مثل ذلك ليلة الخامس من شوال بحيث توهم أنه خسف.
وفيها ذكر محيي الدين بن عبد الظاهر في الفضل الباهر من سيرة السلطان الملك الظاهر أن في شهر رمضان أحضرت إلى قلعة الجبل بالقاهرة فلوس كثيرة من جهة قوص ، وجدت مدفونة في بعض الجهات فأخذ منها فلس فإذا عليه صورة ملك واقف في يده اليمنى ميزان ، وفي يده الشمال سيف وفي الوجه الآخر رأس مصور بآذان كبيرة مصورة مفتوحة ، وبدائر الفلس سطور ، واتفق حضور جماعة من الرهبان ، ومن جملتهم راهب فيلسوف يوناني عالم بلسان الروم لا يحسن العربية ، فقرأ هذا الراهب ما على الفلس فكان تاريخه إلى هذا الوقت ألفين وثلاث مائة سنة ، وفيه مكتوب أنا غلياث الملك ميزان العدل والكرم في يميني لمن أطاع ، والسيف في يساري لمن عصى ، وفي الوجه الآخر أنا غلياث الملك أذني مفتوحة لسماع كلمة المظلوم ، وعيني مفتوحة أنظر بها مصالح ملكي ...
عمر بن محمد بن محمد بن محمد بن أيوب بن شاذي ، الملك المغيث فتح الدين أبو الفتح صاحب الكرك ، وقد ذكرنا في حوادث السنة الخالية