الصيرفي من تسليمها إليه ، وكذلك امتنع الشجاع إبراهيم والي قلعة بعلبك من تسليمها إليه ، ولم يزالوا كذلك إلى أن وصل كتبغا بالعساكر فتحققوا العجز بعد أن قاتلوه ، فضمن لهم كتبغا سلامتهم وسلامة من بالقلعتين من المسلمين وأموالهم إن سلموا ، فسلموا وأمنهم ووفى لهم بالأمان ، فحملت الحافظي نفسه الكافرة كونهم لم يسلموا القلعتين إليه على أن كتب إلى هولاكو يغريه بهم ، فوصله الجواب بقتلهم فحضر مجلس كتبغا بالمرج ، وأوقفه على الكتاب فاستدعى بدر الدين محمد بن قريجا ، وجمال الدين محمد بن الصيرفي ، وشجاع الدين إبراهيم وولده ونسيبا له ، فلما حضروا قال كتبغا للحافظي : كيف أقدمت على أن تكاتب في حق من أمنتهم ، ومع هذا فلا يسعني مخالفة مرسوم هولاكو ، فقم أنت اقتلهم وإلا صار لك عندنا ذنب نقتلك به ، فقام إليهم وضرب رقابهم ، ولم يزل الحافظي بدمشق إلى أن كسر التتر على عين جالوت ، فهرب وتوجه إلى حلب ، واستصحب معه إخوته وأولاد أخيه ، وتحدث معهم في الطريق فكان من جملة الكلام أن قال : ما كنت أظن أن الاسلام بقي تقوم له قائمة ، فقال له أخوه شرف الدين : أما تعلم أن الله غار على الاسلام ، وقد أصبحت وإن أحماك من الملوك ، وكان عند الحافظي فضيلة ومشاركة ، ولم تكن الإمرة لائقة به ، وقتل وهو في عشر السبعين ، وقدم على ما قدم ، (وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ)(١) ...
وفي هذه السنة اتفق ثاني عشر ربيع الأول ليلة الاثنين موافقا لمولد النبي صلىاللهعليهوسلم بقول الأكثرين أن كان مولده ليلة الاثنين ثاني عشر ربيع الأول ، فاتفق في هذه السنة كذلك.
وفيها في أواخر شهر رمضان ظهر بالمشرق كوكب له ذؤابة في الأفق نحو المغرب ، وبقي يطلع كل يوم قبيل الفجر خلف النجم المعروف بكوكب الصبح ، ثم صار يتقدم كل يوم قليلا إلى أن صار مرتفعا عن
__________________
(١) ـ سورة فصّلت ـ الآية : ٤٦.