صدق الإربلي ، فقتل الباعشيقي ، وزادت هذه الحالة هولاكو الإغراء بقتل الحافظي ، فقتله ومن معه كما تقدم ، ومخازي الحافظي وخياناته على الاسلام أكثر من أن تحصر منها إغراء التتر بالمسلمين ، وتطميعهم في بلادهم وممالكهم بحيث أن كل دم سفكوه في الشام هو شريكهم فيه ، ولما توجه الملك العزيز ابن الملك الناصر إلى هولاكو في أواخر سنة خمس وخمسين انفرد الحافظي بهولاكو ، وقال له من جملة ما قال بعد أن أخذت بغداد : بغداد قد أخذتها ، والشام بلا ملك ، ومتى قصدته أخذته ، وأنا المساعد فيه فإن أكثر من بدمشق أهلي وأقاربي ، فأعطاه هولاكو سكاكينا وقال متى جاءني أحد ، ومعه سكين من هذه أعلم أنه من أقاربك ، وأخذ الحافظي مما سير معه من الهدية لهولاكو شيئا كثيرا ، وأخذ يغلغا للصالح اسماعيل ابن صاحب حمص بحمص ، وكذلك لأمير حاجب وللوجيه ابن سويد غيرهم.
وقرر مع الملك الناصر أن هولاكو قال له : إن وصل الملك الصالح إلي أبقيت عليه بلاده ، وإن تعذر وصوله خوفا من عسكره فليهرب بين يدي إلى أن يتفرق عسكره ويعود ، فإني أبقي عليه بلاده ، فلما أخذت حلب ، وخرج الملك الناصر من دمشق لم يصحبه الحافظي ، فبعث إليه يطلبه فلم يجده ، فسير وراءه الأمير سابق الدين بيبرس أمير مجلس ، ومعه عسكر لإخراجه ، فغلق أبواب البلد وعصى فيه ، ورحل الملك الناصر على ما تقدم شرحه ، وتفرقت جموعه ، فكتب إليه الحافظي إن الذي قررته معك أنا باق عليه ، ومتى عدت عادت البلاد إليك ، وقصده بذلك ايقاعه في يد التتر فلما عاد الملك الناصر إلى دمشق سير إليه من استدعاه ، فقال لرسوله : قل له ما أقدر أحضر عندك فإني كنت بالأمس غلامك وأنا اليوم غلام هولاكو وأنت عدوه.
ولما خرج الملك الناصر من دمشق أولا ، واستولى عليها الحافظي ، قصد القلعة فامتنع واليها بدر الدين محمد بن قريجا ونقيبها جمال الدين محمد بن