أحمد المعروف بالاشتر من دمشق إلى الديار المصرية وعوقه أياما ، ثم أفرج عنه وأنعم عليه ، وقرر له في الشهر خمسمائة درهم ورتب له خبزا ولحما ، وغير ذلك وأمره أن يكتب إلى أخيه المذكور كتابا يعرفه فيه نية الملك الظاهر له وشكره منه ، وأنه يعرفه أن ما له ذنب وأنه بريء مما نسب إليه ، وأن الملك الظاهر عالم بأن مقامه عند التتر على غير اختيار منه بل خوفا لما شاع عنه ، ويضمن له عنه أنه متى وافق الملك الظاهر على ما في نفسه من المواطأة على التتر فله ما يقترحه من الاقطاع ، ويكون بعد ذلك على حسب اختياره في التوجه إلينا والإقامة عند هولاكو ، فكتب إليه ، فلما وصلته الكتب حملها إلى هولاكو ، وقال له : إن صاحب مصر إنما يكتب إلي بمثل هذا ليقع في يدك فيكون سببا لقتلي ، وقد عزمت أن أكاتب أعيان دولته ، ورعيته بمثل ما كاتبني لأكيده ، كما كادني ، فلم ير هولاكو ذلك صوابا فعاوده مرارا فأذن له ، فكتب كتبا لجماعة فوقعت في يد الملك الظاهر ، فعلم أنها مكيدة ، فكتب إليه يشكره على عرض الكتب على هولاكو ، واستصوب رأيه في ذلك لتزول التهمة عنه ، وبعث هذه الكتب مع قصاد وقرر معهم إذا وصلوا شاطىء جزيرة ابن عمر ، يتجردون من ثيابهم على أنهم يسبحون ويحتالون في إخفاء أنفسهم ليظن أنهم غرقوا ، وتكون الكتب في ثيابهم ، ففعلوا ذلك ورأى نواب التتر الثياب فأخذوها فوجدوا فيها الكتب ، فحملت إلى هولاكو فوقف عليها وأسرها في نفسه وأضمر قتله.
والسبب الآخر أن هولاكو كان سيره لكشف الموصل وأعمالها ، وماردين والجزيرة ، وكان نائب هولاكو بالموصل شمس الدين الباعشيقي ، فدفع للحافظي ستة عشرة آلاف دينار رشوة لترك محاققته ، والكشف عنه ، وكذلك اعتمد نواب الجزيرة ، وماردين ، وديار بكر كلها ، وكان الزكي الإربلي مقيما بالموصل ، وعلم بما أخذه من الرشا ، فتوجه إلى هولاكو ورفع إليه ، وعلى الباعشيقي فعقد لهم مجلسا فظهر