الملك الأشرف ابن
الملك العادل ببلاد الشرق ، هو وعماد الدين أحمد المشطوب رحمهماالله.
وإذ قد جرى ذكرهما
فلا بأس بشرح شيء من خبرهما ، كان الأمير حسام الدين خشترين من أعظم أمراء الملك
الظاهر بحلب ، فلما توفي الملك الظاهر ، وترك ولده الملك العزيز صغيرا حصل الطمع
في بلاده لصغر سنه ، فسيرت والدته الصاحبة ، بنت الملك العادل باتفاق الأتابك شهاب
الدين طغريل إلى الملك الأشرف ، واستدعته فحضر إلى حلب ، واجتمع بأخته ، والأتابك
شهاب الدين ، فقررا معه القيام بنصرة الملك العزيز ، فأجاب إلى ذلك وأقام بحلب مدة
، وصار الحاكم المتصرف ، فخاف الأمراء الظاهرية من إستيلائه واستقلاله ، وقالوا :
كيف العمل؟ فقال حسام الدين : دعوني وإياه ، فركب يوما ، وهم في خدمته على العادة
، فلما عادوا إلى ظاهر البلد ترجل حسام الدين خشترين ووقف بين يديه وقال : ياخوند
هذا اليتيم ، قد ضيقت عليه بمقامك في حلب ، ونشتهي أن تتوجه إلى بلادك ، فما تحملك
هذه البلاد ، ومنعه من دخول حلب ، وظهر للملك الأشرف أن ذلك باتفاق من سائر
الأمراء ، فلم يسعه إلا التروح عن حلب ، وبقي في قلبه من حسام الدين كونه تجاسر
عليه بهذه المخاطبة وأوجهه بها ، واتفق أنه ظفر به بعد ذلك بمدة فحسبه وضيق عليه ،
فمات في حبسه رحمهالله.
وأما عماد الدين
أبو العباس أحمد بن الأمير سيف الدين أبي الحسن على بن أحمد ابن أبي الهيجاء بن
عبد الله بن أبي الخليل بن مرزبان الهكاري ، فكان أميرا كبيرا جليلا ، شجاعا جوادا
، واسع العطاء عالي الهمة يضاهي كبار الملوك في كثرة الحشم ، والغلمان ، والاتباع
، تهابه الملوك ، وله وقائع مشهورة في الخروج عليهم ، وكان؟؟؟
بالامير الكبير ،
ذلك علما عليه لا يشاركه فيه غيره ، وجده أبو الهيجاء صاحب العمادية وعدة قلاع من
بلاده الهكارية ، وكان سيف الدين كبير