القدر عند السلطان صلاح الدين رحمهالله ، وكتب إليه يخبره بولادة عماد الدين ، وأن عنده امرأة أخرى حامل ، فكتب القاضي الفاضل عن السلطان جوابه : وصل كتاب الأمير الأعلى الخبر بالولد الحال على التوفيق ، والسائر كتب الله سلامته في الطريق ، فسررنا بالغرة الطالعة من لثامها ، وتوقعنا المسرة بالثمرة الباقية في كمامها.
وكان سيف الدين في عكا لما حاصرها الفرنج ، فلما أخذوها وخلص وصل إلى صلاح الدين ، وهو بالقدس يوم الخميس مستهل جمادى الآخرة سنة ثمان وثمانين وخمسمائة ، فدخل عليه بغتة ، وعنده الملك العادل ، فنهض إليه صلاح الدين ، واعتنقه وسر به سرورا عظيما ، وأخلى المكان وتحدث معه طويلا.
وقال قاضي القضاة شمس الدين ابن خلكان رحمهالله : رأيت بخط القاضي الفاضل : ورد الخبر بوفاة الأمير سيف الدين المشطوب أمير الاكراد ، وكبيرهم ، وكانت وفاته يوم الأحد الثاني والعشرين من شوال سنة ثمان وثمانين وخمسمائة بالقدس ، وخبزه يوم وفاته نابلس وعبرتها : ثلاثمائة ألف دينار ، وكان بين خلاصه من أسره وحضور أجله دون مائة يوم ، فسبحان الحي الذي لا يموت ، وتهدم به بنيان قوم ، والدهر قاض ما عليه لوم.
قوله تهدم به بنيان قوم حل به بيت عبدة بن الطيب في مرثية قيس بن عاصم المنقري سيد أهل الوبر من ثلاثة أبيات وهو الآخر منها :
عليك سلام الله قيس بن عاصم |
|
ورحمته ما شاء أن يترحما |
تحية من غادرته غرض الردى |
|
إذا زار عن شحط بلادك سلما |
فما كان قيس هلكه هلك واحد |
|
ولكنه بنيان قوم تهدما |
وأما الأمير عماد الدين فكان السلطان صلاح الدين أقطعه معظم خبز