وأربعين ، وهم على ذلك فلما كانت ليلة الأربعاء لثلاث مضين من المحرم رحلوا بفارسهم وراجلهم إلى دمياط ليمتنعوا بها ، وأخذت مراكبهم في الانحدار في النيل قبالتهم ، فعدا المسلمون إلى برهم وركبوا أكتافهم واتبعوهم ، وطلع الصباح من يوم الأربعاء المذكور وقد أحاط بهم المسلمون وأخذتهم سيوفهم ، واستولوا عليهم قتلا وأسرا ، ولم يسلم منهم إلا الشاذ ، فبلغت عدة القتلى يومئذ ثلاثين ألفا ، وانحاز الملك ريد افرنس والأكابر من أصحابه والملوك إلى تل هناك ، فوقفوا مستسلمين طالبين الأمان فأتاهم الطواشي محسن الصالحي فأمنهم ، فنزلوا على أمانه ، واحتيط عليهم ومضى بريد افرنس وبهم إلى المنصورة وضرب في رجل ريدافرنس القيد ، واعتقل في الدار التي كان نازلا بها فخر الدين إبراهيم ابن لقمان كاتب الإنشاء ، ووكل به الطواشي جمال الدين صبيح المعظمي وفي هذه الواقعة يقول جمال الدين يحيى بن مطروح رحمهالله :
قل للفرنسيس إذا جئته |
|
مقال حق عن قؤول فصيح |
آجرك الله على ما جرى |
|
من قتل عباد يشوع المسيح |
أتيت مصرا تبتغى ملكها |
|
تحسب أن الزمر يا طبل ريح |
فساقك الحين إلى أدهم |
|
ضاق به عن ناظريك الفسيح |
وكل أصحابك أوردتهم |
|
بحسن تدبيرك بطن الضريح |
خمسون ألفا لا يرى منهم |
|
إلا قتيل أو أسير جريح |
وفقك الله لأمثالها |
|
لعل عيسى منكم يستريح |
إن كان باباكم بذا راضيا |
|
فرب غش قداتى من نصيح |
وقل لهم إن أضمروا عودة |
|
لأخذ ثأر أو لقصد صحيح |
دار ابن لقمان على حالها |
|
والقيد باق والطواشي صبيح |
ولما جرى ذلك رحل الملك المعظم توران شاه والعساكر إلى جهة دمياط ، ونزل بفارس كور ، وهو متراخ عن قصد دمياط وانتزاعها ، وسير البشائر إلى سائر البلاد بما تسنى من هذا النصر العظيم.