جماعة أسرى من الفرنج ، واتفقت وفاة الملك الصالح في حدود منتصف شعبان سنة سبع وأربعين ، فلما تحقق الفرنج موته رحلوا بجملتهم من دمياط وشوانيهم تحاذيهم في البحر ، ونزلوا على فارس كور ، ثم تقدموا منها مرحلة ، وذلك يوم الخميس لخمس بقين من شعبان ، ولما كان يوم الثلاثاء مستهل شهر رمضان وقع بين المسلمين والفرنج وقعة استشهد فيها جماعة من الجند وغيرهم ، وفي يوم الأحد عشر شهر رمضان وصلت الفرنج طرف جزيرة دمياط وهي المنزلة التي نزلوها في أيام الملك الكامل ، وانتصر المسلمون عليهم فيها ، والمسلمون قبالة الفرنج ، وبينهم النيل وخندق الفرنج على أنفسهم ، وأداروا عليهم سورا وستروه بالستائر ، ونصبوا المجانيق يرمون بها المسلمين ، وأرست شوانيهم بإزائهم في النيل وشواني المسلمين بإزاء المنصورة ، ونشب القتال بين الفريقين برا وبحرا ، وكل يوم يقتل من الفرنج ويؤسر جماعة ، وفي يوم الأربعاء لسبع مضين من شوال أخذ المسلمون من الفرنج شينيا فيه مائتا رجل وكند كبير ، وفي يوم الخميس منتصف شوال ركبت الفرنج والمسلمون ، ودخل المسلمون إلى برهم واقتتلوا قتالا شديدا ، فقتل من الفرنج أربعون فارسا ، وفي يوم الخميس لثمان بقين من شوال أحرق المسلمون للفرنج مرمة عظيمة في البحر ، واستظهر عليهم المسلمون استظهارا بينا.
ومن غريب ما حكي أن شخصا من المسلمين دخل عسكرهم ، ومعه فرس يقصد بيعه عليهم ، فمر بشخص في خيمة وبين يديه جماعة غلمان ، فطلبه إليه وقال له بلسان ترجمانه : تبيع هذا الفرس؟ قال : نعم فقال لغلامه خذه منه فأخذه وأحضر جرابين ملأنة دراهم ففرغها بين يديه وقال له : خذ ثمن فرسك ، قال : ما الذي آخذ؟ قال : خذ ما تختار إلى أن ترضى ، فأخذت قريب خمسة الآف درهم ، ولعل فرسه لا يساوي ثماني مائة درهم فقال : رضيت؟ قال : نعم ، قال : اذهب بمالك ، فلما أبعد رده ، وقال له : نحن قد خرجنا من هذا البحر ومعنا دراهم كثيرة ، وذهب