المصرية ، والأمير نجم الدين بن شيخ الاسلام ، وكان رجلا صالحا رحمهماالله ، فلما أمسى المسلمون رحل بهم الأمير فخر الدين ، وقطع بهم الجسر إلى البر الشرقي الذي فيه دمياط ، وخلا البر الغربي للفرنج ، ثم رحل بالعساكر طالبا أشمون طناح ، وخلا البر الشرقي والغربي من عساكر المسلمين ، فخاف أهل دمياط على أنفسهم ، وكان بها جماعة شجعان من الكنانية ، فألقى الله في قلوبهم الرعب ، فخرجوا وأهل دمياط على وجوههم طول الليل ، ولم يبق بدمياط أحد البتة ، ورحلوا تحت الليل مع العسكر هاربين إلى أشمون طناح ، ولو غلقوا أبوابها وأقاموا بها مع مشيئة الله لم يقدر العدو عليها ، ولما كان صباح الأحد جاء الفرنج إلى دمياط فوجدوها صفرا من الناس وأبوابها مفتحة ، فملكوها صفوا عفوا ، واحتووا على ما فيها من العدد والأسلحة والذخائر والأقوات والمجانيق فلما وصلت العساكر وأهل دمياط إلى الملك الصالح حنق على الكنانيين ، فشنقهم جميعهم ، وكان فيهم شيخ له ابن فسأل أن يشنق قبل ولده لئلا يراه فحمل الملك الصالح ما عنده من الجبروت ، وقلة الرحمة والحنق على أن شنق الولد قبل والده وعينه تراه ، ثم شنق والده بعده ، وعظم على الناس شنق الكنانيين وأطلقوا ألسنتهم بسب الملك الصالح ، وكونه تزود بدمائهم وهو في آخر رمق ، وقد يئس من نفسه ولم يمكنه أن يقول للأمير فخر الدين ، وبقية العسكر شيئا لقوة مرضه وعجزه ، ثم رحل الملك الصالح بالعساكر إلى المنصورة وهي شرقي النيل ، فنزل بقصرها الذي أنشأه الملك الكامل بها ، وضرب دهليزه إلى جانبه وكان استقراره بالمنصورة يوم الثلاثاء لخمس بقين من صفر ، وشرعت العساكر في تجديد الأبنية ، وقامت بها الأسواق وأصلح السور الذي كان على البحر ، وستر بالستائر ، وجاءت الشواني والحراريق بالعدد الكاملة والمقاتلة ، فأرسوا قدام السور ، وحضر من الرجالة والغزاة المطوعة والعربان من سائر النواحي خلق لا يحصون ، وشرع العربان في الاغارة على الفرنج ، وحصن الفرنج أسوار دمياط ، وشحنوها بالمقاتلة وفي كل وقت يحضر المسلمون