ووقع الصلح بين الملك الكامل والفرنج يوم الأربعاء تاسع عشر شهر رجب ، وسار بعض الفرنج في البر ، وبعضهم في البحر إلى عكا ، وتسلم الملك الكامل دمياط ، ووصلت العساكر الشرقية والشامية بعد تسلم دمياط ، فهذه خلاصة نوبة دمياط الأولى.
وذكر القاضي جمال الدين محمد بن واصل أن الفرنج نازلوها سنة خمس عشرة ، وملكوها سنة ست عشرة وستمائة ، والأصح أن الواقعة سنة ثماني عشرة وستمائة والله أعلم.
وأما عن نوبة دمياط الآخرة فإن ريد افرنس مقدم الأفرنسيسية من الفرنج وهو المشار إليه في أول هذه الترجمة خرج من بلاده في جموع عظيمة طامعا في الديار المصرية ، وتملكها وشتا بجزيرة قبرص سنة ست وأربعين ، وكان أعظم ملوك الفرنج واشدهم بأسا ، متدينا بدين النصرانية ، مرتبطا به ، فحدثته نفسه أن يستعيد البيت المقدس ، وعلم أن ذلك لا يتم له إلا بتملك الديار المصرية ، فقصدها سنة سبع وأربعين ، وكان جمعه يزيد على خمسين ألف ، وقيل كان يزيد على مائة ألف بكثير ، وبلغ الملك الصالح نجم الدين ما عزم عليه من قصد الديار المصرية ، فأخذ في جمع الذخائر والأقوات والزردخاناة ، وآلات الحرب بدمياط ، واستكثر من ذلك ، وهيأ الشواني بالصناعة وعمرها بالرجال والعدد ، وأمر الأمير فخر الدين يوسف بن شيخ الشيوخ أن ينزل على جيزة دمياط في العساكر ، مقدما عليها ، فنزل بها وبينه وبين دمياط بحر النيل ، وأقام الملك الصالح بأشمون طناح ، فلما كان ثاني ساعة من نهار الجمعة لتسع بقين من صفر سنة سبع وأربعين ، وصلت مراكب الفرنج ، وفيها جموعهم العظيمة ، وقد انضم إليهم فرنج الساحل فأرسوا بازاء المسلمين.
وفي يوم الجمعة ثاني يوم نزولهم شرعوا في الخروج إلى البر الذي فيه المسلمون ، وضربت خيمة عظيمة حمراء لريد افرنس ، وناوشهم بعض المسلمين ، فاستشهد في ذلك اليوم الوزيري ، وهو من أمراء الديار