ما وصلوا بسببه ، ثم أمرهم بالرجوع إلى القسطنطينية ، والمقام بها حتى يعود ، ويجهزهم ولم يزل يمطلهم سنة وثلاثة أشهر ، فبعثوا إليه : ولم يمكنك المساعدة على توجهنا فلتأذن في الرجوع ، فأذن للسيد عماد الدين بمفرده واعتذر من منعهم من التوجه لكونه بعيدا عن بلاده المجاورة لمملكة السلطان ركن الدين ، وأنه متى سمع أني مكنت صاحب مصر من التوجه إلى بركة توهم انتقاض الصلح بيني وبين هولاكو ، فيسارع إلى نهب ما جاوره من بلادي وما أنا قريب منها حتي أذب عنها ، فعاد عماد الدين ، وتأخر الفارس مدة سنتين حتى هلك أكثر ما كان من الحيوانات وفسد غيرها.
وفي أثناء هذه المدة قصدت عساكر بركة القسطنطينية ، وأغارت على أطرافها ، وهرب الباسلوس من القلعة التي كان فيها إلى القسطنطينية ، وبعث بالفارس إلى مقدم عسكر بركة يعلمه أن البلاد في عهد الملك الظاهر وصلحه ، وأن بركة في صلح من صالحه ، وعهد من عاهده ، فطلب منه أن يكتب له خطة بذلك فكتب وكتب أيضا أنه يقيم باختياره بمنع التوجه لأنه أنكر عليه طول المقام ، فرحل العسكر ، واستصحب معه السلطان عز الدين ، وكان محبوسا في قلعة من قلاع قسطنطينية ، فأخرجوه منها كما تقدم ، ثم إن الباسلوس جهز الفارس إلى بركة ، وبعث معه رسولا من جهته برسالة ضمنها أن يقرر على نفسه مما يحمله كل سنة ثلاثمائة ثوب أطلس على أن يكون معاهدا ومصالحا له ، ومدافعا عن بلاده صاحب زعوراء ، فتوجه الفارس إلى بركة ، فلما اجتمع به سأله عن تأخره حتى هلك أكثر ما كان معه فاعتذر أن صاحب القسطنطينية منعه ، فأخرج له خطه بما كتب لمقدم عسكره ، ثم قال : أنا ما أواخذك لأجل الملك الظاهر ، وهو أولى من واخذك على كذبك وإفساد ما بعثه معك.
وكتب السلطان عز الدين إلى الملك الظاهر يعرفه بما صدر عن الفارس