من التقصير ، وكونه رحل عسكر بركة عن صاحب القسطنطينية بما أوهمه من كون البلاد في عهد الملك الظاهر ، وكان قادرا على أن يأخذ منه في مقابلة ترحيله عنه قيمة ما فسد من الهدية لإضطراره إلى ذلك ، فلما قفل الفارس والى مصر ، واجتمع بالسلطان نقم عليه ما فعله ، وقبض عليه وأخذ منه ما كان وصل معه من البضائع وقيمتها أربعون ألف دينار ، وكان وصوله في جمادى الآخرة سنة خمس وستين.
وفيها خلّق المقياس ، وكسر الخليج يوم الاثنين ثالث عشر شوال سنة إحدى وستين ، وانتهت الزيادة إلى ثلاث عشرة إصبعا من ثمان عشر ذراعا ، وكان الملك الظاهر بالاسكندرية ، فخلف عنه الأمير عز الدين أيدمر الحلبي نائب السلطنة بالقاهرة.
فصل
وفيها توفي
ريد افرنس واسمه لويس وهو من أجل ملوك الفرنج وأعظمهم قدرا ، وأوسعهم مملكة ، وأكثرهم عساكر وأموالا ، وبلادا ، وكان قصد الديار المصرية ، واستولى على طرف منها ، وملك دمياط في سنة سبع وأربعين ، واتفق موت الملك الصالح نجم الدين ، فقام بتدبير الأمور وتقدمة العساكر الأمير فخر الدين يوسف بن شيخ الشيوخ ، فاستشهد ، ثم حضر الملك المعظم توران شاه ابن الملك الصالح ، فقتل على ما هو مشهور ، وقدر الله تعالى مع هذه الأسباب التي يوجب بعضها استيلاء الفرنج على الديار المصرية بجملتها ، بل على البلاد بأسرها ، ثم إن الله تعالى خذل الفرنج وأهلكهم ، ورزق المسلمين النصر من حيث لم يحتسبوا ، فأسر ريد إفرنس ، وبقي أياما كثيرة بيد المسلمين ، ثم أطلق بعد تسلم دمياط من الفرنج ، وتوجه إلى بلاده ، وفي قلبه ما فيه مما جرى عليه من ذهاب أمواله ورجاله وأسره ، فبقي في بلاده ، ونفسه تحدثه