حرب جرت بين بركة وهولاكو
لما قتل هولاكو رسل بركة وسحرته ، جمع عسكرا من سائر الآفاق التي استولى عليها ، ورحل من علا دار ، ووصل إلى دمر قانو ، وقطر نهر كوثا ، فصادف عسكرا لبركة فأوقع به وأقام خمسة عشر يوما ، فجمع بركة عساكره وقصده فالتقى به ، وتقاتلا فكانت الدائرة على هولاكو ، وقتل من أصحابه خلق كثير ، وغرق منهم في النهر المذكور أكثر مما قتل ، ونجا هولاكو بنفسه في شرذمة قليلة ، فلما رأى بركة كثرة القتلى بكى ، وقال : يعز علي أن أرى المغل تقتل بسيوف بعضهم بعضا ، لكن كيف الحيلة في من غير ياسه جنكيز خان ، ولما عاد هولاكو مهزوما مر ببلاد أران ، فوجد طائفة من أصحاب بركة بنواحي شروان وشماخي ، فأوقع بهم ، ولما وصل أردوه استشار كبراء دولته في جمع عسكر ليقصد به بركة فثبطوه.
وفي شهر رمضان جهز الملك الظاهر رسل بركة ، وبعث معهم عماد الدين عبد الرحيم العباسي ، والأمير فارس الدين آقوش المسعودي ، وجهز معهما هدية سنية جليلة المقدار وفيها من الحيوان الغريب وجوده في تلك البلاد : خدام حبش ، وجواري طبلخانات ، وزرافة ، وقرود ، وهجن ، وخيل عربية ، وحمير مصرية ، وحمير وحشية ، وغير ذلك ، ومشاعل فضة ، وشمعدانات فضة ، وحصر عبدانية ، وأمتعة اسكندراني ، وثياب من عمل دار الطراز ، وسكر نبات ، وبياض ، وغير ذلك مما لا يحصى كثرة ، وضمن الرسالة الدخول في الإيلية ، والطاعة وطلب المعاضدة على هولاكو ، على أن يكون له من البلاد التي تؤخذ من يده مما يلي الشام نصيب ، فلما وصلوا القسطنطينية وجدوا الباسلوس كرميخائيل صاحبها غائبا في حرب كانت بينه وبين الفرنج ، فلما بلغه وصولهم طلبهم فساروا إليه عشرين يوما في عمارة متصلة ، واجتمعوا به في قلعة أكشاشا ، فأقبل عليهم ، ووعدهم بالمساعدة ، ووافوا عنده رسلا من هولاكو ، فاعتذر عن تأخير توجههم لخوفه من اطلاع هولاكو على