عند الملك بركة وهما جلال الدين ابن قاضي دوقات ، والشيخ علي التركماني ، وكان وصولهما من الاسكندرية ، وصلاها من بلاد الأشكري ، وذلك أنهما خرجا من سقسين مدينة بركة في نهر أتل إلى بحر سوداق ، وركبوا فيه إلى خليج القسطنطينية إلى البحر الكبير ، فسلكاه إلى الإسكندرية ، ومضمون الرسالة : أنت تعلم أني محب لهذا الدين ، وهولاكو قد تعدى على المسلمين ، واستولى على بلادهم ، وقد رأيت أن تقصده من جهتك ، وأقصده من جهتي ، ونصدمه صدمة واحدة ، فنقتله أو نطرده عن البلاد ، ومتى كانت واحدة من هاتين أعطيتك ما كان في يده من البلاد التي استولى عليها ، فشكر له الملك الظاهر ذلك ، وبعث إليه هدية سنية مع رسول يستصوب هذا الرأي.
وفي أواخر شهر رجب ، وصلت طائفة كبيرة من التتر مستأمنين ، وهي الطائفة الثانية ، ثم وصلت طائفة أخرى كبيرة منهم ، ومقدمها كرمون ، فخرج الملك الظاهر لتلقيهم وأنعم عليهم بالإقطاعات وغيرها.
وفي شعبان خلع الملك الظاهر على الأمير جمال الدين موسى بن يغمور ، وفوض إليه الأستاذدارية.
وفي سادس عشر شهر رمضان جهز الملك الظاهر من الديار المصرية لعمارة مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم : صناعا ، وآلات ، وأخشابا فطيف بها مصر والقاهرة ، وسوفر بها في العشر الأوسط من شوال.
وفي رمضان زلزلت الموصل زلزلة عظيمة بحيث انشق الشط الذي يمر بضيعة دار بتيا نصفين ، وخربت أكثر دورها.
وفي سادس شوال توجه الملك الظاهر إلى الاسكندرية ، وعاد إلى مصر في ثامن عشر ذي القعدة ، وبعد ذلك تقدم بعزل ناصر الدين أحمد ابن المنير قاضي الاسكندرية وخطيبها ، فولى عوضه في القضاء برهان الدين إبراهيم بن محمد علي البوشي المالكي ، وكان خاملا بمصر ، متواضعا فقيرا ، فخلع عليه ، وأعطي بغلة فتوجه إليها.