ولما قبض عليه ظهر في وجوه بعض الأمراء كراهية ذلك ، فأحضر الملك الظاهر الأمراء ، والملك الأشرف صاحب حمص ، وكان قد وفد عليه ، وقاضي القضاة بدمشق ، وكان قد استدعاه ، والشهود ورسل الفرنج ، وأخرج إليهم كتب الملك المغيث إلى التتر يحرضهم على قصد البلاد ، وكتب التتر إليه أجوبة منها مضمونه شكر هولاكو منه ، واعتزاؤه إليه ، ويعده بوعود حسنة ويقول له : قد أقطعتك من بصرى إلى غزة ، وقد عرفت ما أشرت إليه من طلب عشرين ألف فارس نسيرها تفتح بها مصر ، ويعده بإرسالها إليه ، ويوصيه بأمور جمة ، ثم أخرج فتوى الفقهاء بأنه لا يحل ابقاؤه على هذا الوجه ، فعذروه حينئذ ، وكان أوكد الأسباب في القبض عليه أن رسولا ورد عليه من التتر ، فاتصل ذلك بالملك الظاهر ، فبعث إليه بدر الدين لؤلؤ السعدي أحد المماليك البحرية ، وطلبه فأنكره فتوعده وتهدده فأظهره ، وحمل إلى الملك الظاهر ، وأخذ يعده ويمنيه حتى أخبره بما جاء فيه ، وهو أن هولاكو سيره إليه ليكشف حاله ، وكتب الجواب وأخرجه ، فلما وقف عليه الملك الظاهر أخذ خطوط الفقهاء بوجوب قتله ، ثم توجه إلى الكرك ، وكاتب من فيه بتسليمه فوقع الاتفاق على ان يؤمر الملك العزيز عثمان بن الملك المغيث على مائة فارس ، وتسلم الكرك يوم الخميس ثالث عشري جمادى الآخرة ، ودخله ثالثة نهار الجمعة ، ثم قصد الديار المصرية ، واستصحب أولاد الملك المغيث ، وحريمه ، فلما حل بمصر أمر ولده كما تقرر ، وأنزله في دار القطبية بين القصرين ، وكان وصوله إلى الديار المصرية يوم السبت سادس عشر شهر رجب.
وفي يوم الاثنين الثامن والعشرين منه قبض الملك الظاهر على الأمير سيف الدين بلبان الرشيدي ، والأمير عز الدين أيبك الدمياطي ، والأمير شمس الدين آقوش البرلي وحبسهم بقلعة الجبل.
وفي حادي عشر شهر رجب وصل إلى الديار المصرية رسولان من