وحاصروهم بها ، ثم إن ركن الدين عيسى السروي ركب وأركب الأمراء المذكورين ، وفتح باب دار الدعوة ، وخرج ثم حمل فيهم فصادف في حملته صاحب سيس ، ولم يعرفه فرماه من جواده ، فتفللت لأجله عزائم أصحابه ، فولوا هزيمة لا يلوي أحد منهم على صاحبه ، وتخلص ممن كان معهم من الاسراء جماعة كبيرة.
ذكر توجه الملك الظاهر إلى الشام وقبضه
على الملك المغيث صاحب الكرك
برز الملك الظاهر يوم السبت سابع ربيع الآخر إلى مسجد التبر ، وأقام به إلى عاشر الشهر ، ورحل يوم الخميس حادي عشره ، ولما وصل إلى غزة وفد عليه في السابع والعشرين من الشهر والدة صاحب الكرك شافعة في ولدها ، فأقبل عليها وأكرمها ، وأذن لها في العود فعادت ، ثم رحل إلى الطور يوم الإثنين حادي عشر جمادى الأولى ، وجاء من الأمطار ما منع السابلة ، فغلت الأسعار ، ولحق العسكر مشقة عظيمة والملك الظاهر يرسل الرسل إلى صاحب الكرك يطلبه وهو يسوف خوفا من القبض لما أسلفه من الأفعال الذميمة منها رسالة سيرها على لسان الأمجد رسوله أساء فيها الأدب ، ومنها كتبه إلى التتر يحرضهم على قصد البلاد ، ومما ثبطه كتب وصلت إليه من أمراء كانوا مع الملك الظاهر يحذرونه الوصول إليه ، ويعرفونه أنه عازم على قبضه ، فوقف عليها وسيرها إلى الملك الظاهر ، فسير إليه في الجواب : إني أنا أمرتهم بذلك لأتحقق ما في نفسك ، فخرج من الكرك خائفا ، ولما وصل بالقرب من العسكر ركب الملك الظاهر لتلقيه ، فأراد أن يترجل فمنعه الملك الظاهر وسايره إلى باب الدهليز ، فدخل الملك الظاهر ، وعدل بالملك المغيث إلى خركاه واحتيط عليه ، وبعث به إلى قلعة القاهرة صحبة الأمير شمس الدين آق سنقر الفارقاني السلحدار يومئذ فوصل به ليلة الأحد خامس عشر جمادى الآخرة ، فكان آخر العهد به.