من أمور الدين ، وحراسة المسلمين ، فعند ذلك أقبل الخليفة على الملك الظاهر ، وقلده أمور البلاد والعباد ، ثم أخذ الناس على اختلاف طبقاتهم في المبايعة ، فلم يبق أحد ممن يشار إليه من أرباب السيوف ، والأقلام وغيرهم إلا وبايعه ، وكان المسلمون بغير خليفة منذ استشهد الإمام المستنصر بالله في أوائل السنة الخالية ، ولم يل الخلافة من والده وجده غير خليفة ، بعد السفاح والمنصور ، إلا الحاكم هذا ، فإن والده وجده ، وجد والده لم يلوا الخلافة ، أما من ولي الخلافة ، ولم يكن والده خليفة بعد السفاح والمنصور من بني العباس فالمستعين أحمد بن محمد بن المعتصم ، والمعتضد بن طلحة المتوكل ، والقادر بن أحمد بن المقتدر ، والمقتدي بأمر الله ابن الذخيرة ابن القائم ، وبقي اسم الخلافة على الإمام الحاكم بأمر الله المذكور ، ويخطب له على المنابر ، وتضرب السكة باسمه إلى اوائل جمادى الآخرة سنة إحدى وسبعمائة درج إلى رحمة الله تعالى بالديار المصرية ، وصلي عليه في جامع دمشق بالغيبة يوم الجمعة عاشر جمادى الآخرة.
وكانت وفاته رحمهالله في أواخر جمادى الأولى رحمهالله تعالى ، فكان مدة وقوع اسم الخلافة عليه أربعين سنة وأشهر ، وبويع ولده أبو الربيع سليمان ، ولقب بالمستكفي وحصل الحديث من الإمام الحاكم في إنفاذ رسل إلى بركة ، فوافق على ذلك ، وانفصل المجلس ، ولما كان يوم الجمعة ثاني يوم المبايعة اجتمع الناس ، وحضر الرسل إلى الملك بركة وخطب الخليفة بالناس فقال :
الحمد لله الذي أقام لآل العباس ركنا وظهيرا ، وجعل لهم من لدنه سلطانا نصيرا ، أحمده على السراء والضراء ، وأستعينه على شكر ما أسبغ من النعماء ، واستنصره على دفع الأعداء ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه نجوم الاهتداء ، وأئمة الاقتداء الأربعة الخلفاء ، وعلى العباس عمه ،