الملك الصالح القاضي بدر الدين إلى القاهرة وما معها ، وولاه قضاءها ، وولى الشيخ عز الدين القضاء لمصر والوجه القبلي مع الخطابة بجامع مصر ، وبقي على ذلك مدة ، واتفق أن بعض غلمان الصاحب معين الدين بن شيخ الشيوخ ، وزير الملك الصالح نجم الدين بنى على سطح بعض المساجد بمصر بنيانا ، وجعل فيه طبلخاناة معين الدين ، وبلغ ذلك الشيخ عز الدين فأنكره ومضى بنفسه وأولاده فهدم ذلك البناء ، وأمر بنقل ما على سطح ذلك المسجد وتفريغه مما فيه ، وعلم الشيخ عز الدين أن ذلك يغضب الملك الصالح ، ووزيره ، فأحضر شهودا وأشهدهم على نفسه أنه قد أسقط عدالة معين الدين ، وأنه قد عزل نفسه عن القضاء بمصر وما معها ، فعظم ذلك على الملك الصالح وأبقى نواب الشيخ عز الدين فقيل للملك الصالح : إن لم تعزله عن الخطابة فربما يبدو منه تشنيع على المنبر كما فعل بدمشق لما سلم الملك الصالح عماد الدين صفد ، والشقيف فعزله عن الخطابة ، فأقام في بيته بالقاهرة يشغل الناس بالعلم ، وقال الأمير حسام الدين ابن أبي علي رحمهالله : كان عندي شهادة تتعلق بالملك الصالح نجم الدين ، فقال لي السلطان ، والشيخ عز الدين متولى القضاء بمصر : تؤدي الشهادة عنده ، فقلت : يا خوند ما يقبل شهادتي ، فألح علي فقلت : ياخوند خذ لي منه دستورا ، فبعث إلى الشيخ عز الدين في ذلك ، فقال : ما أقبل له شهادة ، فتوقفت القضية إلى أن ولى القاضي بدر الدين السنجاري ، فذهبت إليه فتلقاني إلى الباب فشهدت عنده فقبل الشهادة ، وانقضى الشغل فكان الشيخ عز الدين رحمهالله لا يحابي أحدا في الحق ، ولما حضرته الوفاة سير إليه الملك الظاهر رحمهالله يفتقده ، ويقول له : من تختار أن يتولى مناصبك من أولادك؟ فقال : ما في أولادي من يصلح لشيء من ذلك ، وهذه المدرسة ـ يعني مدرسة الملك الصالح التي بين القصرين ـ يصلح لتدريسها القاضي تاج الدين عبد الوهاب ، يعني ابن بنت الأعز ، ففوضت إليه بعده ، وكان بالديار المصرية رجل يعرف بالمبارز العارونة ،