المصرية ، واجتمعا بالملك الكامل وأديا الرسالة ، وأحضرا ما معها أظهر الألم والحزن ، وقصر في إكرامهما وعطائهما ، وحلف للملك الناصر على الوجه الذي اقترح عليه ، وخاطب الرسولين بما يشير به من تقدمة الملك الصالح أحمد بن الملك الظاهر على العسكر وأن يقوم بتربية ابن أخيه الملك الناصر ، فلما رجع الرسولان إلى حلب وأنهيا إلى الصاحبة ذلك ، لم تره صوابا ، وكذلك الجماعة القائمون بترتيب الدولة ، ثم بعد مدة يسيرة سير الملك الكامل خلعة للملك الناصر ، بغير مركوب ، وسير عدة خلع لأمراء الدولة ، وسير مع رسول آخر خلعة للملك الصالح أحمد صاحب عينتاب على أن يمضي بالخلعة إليه فاستشعرت الصاحبة وأرباب الدولة من ذلك ، وحصل عند الصاحبة وحشة من أخيها الملك الكامل بسبب ذلك ، فاتفق رأي الجماعة على أن يلبس الملك الناصر خلعة الملك الكامل ، ولم يخلع على أحد من الأمراء شيء مما سير إليهم ، ورد الرسول الوارد إلى الملك الصالح بخلعته ، ولم يمكنوه من الوصول إليه واستحكمت الوحشة في قلوبهم من الملك الكامل ، وفي سنة أربعين توفيت الصاحبة ضيفة خاتون بنت الملك العادل صاحبة حلب أم الملك العزيز ، فاستقل ابن ابنها الملك الناصر بالسلطنة ، وأشهد على نفسه بالبلوغ وله نحو ثلاث عشرة سنة ، وأمر ونهى ، وقطع ووصل ، وجلس في دار العدل والإشارة للأمير شمس الدين لؤلؤ ، ولجمال الدولة إقبال الخاتوني ، والوزير القاضي الأكرم جمال الدين القفطي ، وفي سنة ست وأربعين خرجت عساكر حلب مع الأمير شمس الدين لؤلؤ إلى حمص ، فنازلوها ونصبوا عليها المناجيق وضايقوها شهرين ، ورسل الملك الأشرف صاحبها ، ووزيره مخلص الدين بن قرناص تتردد إلى الأمير فخر الدين بن الشيخ ، وهو بدمشق ، وإلى الملك الصالح نجم الدين ، وهو بالديار المصرية يطلب النجدة ، وكان الملك الصالح بأشمون طناح وقد عرض له ورم في مأبضه ثم فتح وحصل منه ناصور تعسر بربوه ، وحصل في رئته بعد ذلك قرحة تيقن الأطباء أنه لا خلاص له منها ،