وجهزه وراءهم في جمع من العسكر ، ثم جهز بعدهم الأمير عز الدين الدمياطي في جمع آخر ، وتوجهوا كلهم إلى جهة حلب ليقبضوا على الأمير شمس الدين البرلي أو يطردوه عن حلب ، وكان الأمير شمس الدين لما توجه فخر الدين الحمصي علم أن الملك الظاهر لا يوافقه على ما طلب ، فأخرج من عنده من العسكر المصري ، واستبد بالأمر ، وجمع إليه من العربان والتركمان ، وأخرج ما كان مخبأ في حلب ، وبلادها من الغلال وفرقه على الجنود ، وكان قصده إخلاء حلب من الغلال لئلا تبقى ميرة لعسكر مصر ، واستعد للقاء عسكر مصر ، وبلغه توجههم إلى قتاله وانقضت هذه السنة والأمر على ذلك.
وفي السابع من جمادى الأولى عقد عزاء بجامع دمشق للملك الناصر صلاح الدين يوسف رحمهالله وذلك لما ورد الخبر بمقتله.
ذكر بيعة المستنصر بالله أبي القاسم أحمد بمصر
ورد إلى مصر في رجب من هذه السنة أبو القاسم أحمد ، ومعه جماعة من العرب ، وذكروا انه ابن الظاهر بأمر الله أبي نصر محمد بن الناصر ، وهو أسود اللون ، وذكروا أنه خرج من دار الخلافة لما ملكها التتر ، فأراد الملك الظاهر أن يقلده الخلافة ، فعقد له مجلس بقلعة الجبل وحضر الأعيان والأكابر ، والشيخ عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام رحمهالله ، والقاضي تاج الدين عبد الوهاب بن خلف ، وكان الملك الظاهر قد عزل القاضي بدر الدين السنجاري عن قضاء الديار المصرية في أوائل هذه السنة ، وقلد القضاء لتاج الدين المذكور ، فشهد أولئك العربان بأن أبا القاسم هذا هو ابن الظاهر بأمر الله ، وعم المستعصم بالله ، وأقام القاضي تاج الدين جماعة من الشهود اجتمعوا بأولئك العرب ، وسمعوا شهادتهم ، ثم حضروا عند القاضي تاج الدين فشهدوا بالنسب بحكم الاستفاضة ، فقام القاضي تاج الدين على قدميه ، وقال : ثبت عندي نسب أبي القاسم هذا ، وأنه ابن الامام الظاهر بأمر الله ، فبايعه الملك