فأرسلت إليه ناصر الدين البدري أقول له : متى وفيتم أنتم لأحد من بيت استاذكم حتى تفوا لي ، وأنا ما لي حاجة بالملك ، وإنما أنا قانع بهذه البلدة وأكون فيها مطيعا لمن يكون مالكا للديار المصرية ، ولما يئس الأمير شمس الدين من إجابة الملك المنصور ، غضب وأمر بإحراق بيدر الشعير غربي البلد فاحترق ، وأعقب ذلك جدب وغلاء شديد ، ثم توجه الأمير شمس الدين ومن معه إلى شيزر ونازلوها أياما ، ثم ساروا إلى حلب فلما وصلوا الوضيحي جمع الأمير شمس الدين أصحابه واستشارهم فيما يفعل ، فأشاروا عليه بأن يكون الدخول في صبيحة الغد ، وأنهم لا يلبسون لأمة الحرب ولا يظهرون إلا طاعة الملك الظاهر ، ويقولون إنا خفنا على أنفسنا لما سمعنا تغير خاطره علينا ، فالتجأنا إلى أطراف البلاد إلى أن يصلنا أمانه ، ونعود إلى خدمته ، فوافقهم على ذلك وفي صبيحة الغد رحلوا إلى حلب ، وقد خرج فخر الدين الحمصي ، ومن معه من العسكر لابسين لأمة الحرب مستعدين للقاء ، وجاء البرلي ومن معه ودخلوا بينهم واختلطوا جميعا بهم ، ودخلوا حلب ، ونزل الأمير شمس الدين في دار الأمير شمس الدين لؤلؤ ، ونزل أمراء العزيزية ، والناصرية حوله ، ثم طلبوا من فخر الدين الحمصي أن يتوجه إلى الملك الظاهر ، ويطلب لهم الأمان والرضا بشرط أن يكون الأمير شمس الدين مقدم العساكر بحلب والأمراء الذين في صحبته عنده ، وتصلهم المناشير من الديار المصرية بما يختاره الملك الظاهر ، ويكون الأمير شمس الدين مستقلا بنيابة السلطنة ، ولا يكلف الاجتماع بالملك الظاهر ، وتوجه فخر الدين إلى مصر ليدبر هذه القاعدة ، فلما وصل إلى الرمل وجد الأمير جمال الدين المحمدي قد جرد عسكرا ليتوجهوا إلى الأمير شمس الدين البرلي حيث كان ، ويقاتلوه فكتب فخر الدين إلى الملك الظاهر يخبره بما قدم لأجله ، فورد عليه الجواب ينكر عليه غاية الإنكار ، ويأمره أن ينضم إلى المحمدي بمن معه من العسكر ويقصدون البرلي ، ثم رضى الملك الظاهر عن الأمير علم الدين الحلبي