بعث بالمراكب إلى الشط الآخر ، وأحرقها ، فلما وصل الخليفة هيت أغلق أهلها الباب دونه ، فنزل عليها وحاصرها حتى فتحها ودخلها في التاسع والعشرين من ذي الحجة ، ونهب من فيها من اليهود والنصارى ، ثم رحل عنها فنزل الدور ، وبعث طليعة من عسكره مقدمها الأمير أسد الدين محمود بن الملك المفضل موسى نائبا عن بوزبا فبات تجاه الأنبار تلك الليلة ، وهي ليلة الأحد ثالث المحرم سنة ستين وستمائة ، وكان ينبغي ذكر تتمة هذه الواقعة في حوادث سنة ستين وإنما لارتباط الحديث ، وسياقته ذكرتها في هذه السنة ، فلما رأى قرابغا الطليعة أمر من معه من العساكر بالعبور إليها في المخائض والمراكب ليلا ، فلما أسفر الصبح أفرد قرابغا من معه من عسكر بغداد مسلما ناحية ، ورتب الخليفة اثني عشر طلبا ، فجعل التركمان والعربان ميمنة وميسرة ، وباقي العسكر قلبا ، ثم حمل بنفسه مبادرا وحمل من كان معه في القلب ، فانكسر بهادر ووقع معظم عسكره في الفرات ثم خرج كمين من التتار ، فلما رآه التركمان والعرب هربوا وأحاط الكمين بعسكر الخليفة ، فصد المسلمون الحملة فأفرج لهم التتر فنجا الحاكم وناصر الدين بن مهنا ، وناصر الدين ابن صيرم ، وبوزبا ، وسيف الدين بلبان الشمسي ، وأسد الدين محمود ، وجماعة من الجند نحو الخمسين نفرا ، وقتل الشريف نجم الدين جعفر أستاذ الدار ، وفتح الدين بن الشهاب أحمد وفارس الدين أحمد بن أزدمر اليغموري ، ولم يوقع للخليفة على خبر ، فقيل قتل في الوقعة وعفي اثره ، وقيل نجا مجروحا في طائفة من العرب فمات عندهم ، وقيل سلم وأضمرته البلاد.
وفيها بعث الملك المظفر صاحب ماردين بعد موت أبيه الملك السعيد ـ رحمهالله ـ عز الدين يوسف بن الشماع إلى التتر ليتعرف له ما أضمرته نفوسهم ، فلما اجتمع بمقدميهم ، وهما قطزنوين ، وجرمون قالا له : بين الملك المظفر وبين ايل خان يعنون هولاكو ـ وعد أن والده متى